ثم ساق الله السّحابة السوداء التي اختارها قيل بما فيها من النّقمة والبلاء إلى عاد ، حتى خرجت عليهم من واد لهم يقال لهم : المغيث. فلمّا رأوها فرحوا وقالوا : هذا عارض ممطرنا. يقول الله تعالى : (بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ. تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها)(١) أي كلّ شيء مرّت به ، فسخّرها الله عليهم سبع ليال وثمانية أيّام حسوما ؛ أي دائبة. فكانت الريح تحمل الضّعن ما بين السّماء والأرض وتدمغهم الحجارة ، وكانوا قد حفروا لأرجلهم في الأرض وغيّبوها إلى ركبهم ، فجعلت الريح تدخل تحت أقدامهم ، وترفع كلّ اثنين وتضرب بأحدهما على الآخر في الهواء ، ثم تلقيهما في الوادي ، والباقون ينظرون حتى رفعتهم كلّهم ، ثم رمت بالتراب عليهم ، فكان يسمع أنينهم من تحت التّراب. فاعتزل هود ومن معه من المؤمنين في حضيرة ، فما كان يصيبهم من الرّيح إلّا ما يليّن جلودهم وتلذّ به أنفسهم (٢).
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه ؛ قال : [لمّا أراد الله إرسال الرّيح العقيم إلى عاد ، أوحى الله إلى الرّيح أن تخرج إلى عاد فينتقم منهم ، فخرجت على قدر منخر ثور حتّى رجفت الأرض ما بين المشرق والمغرب. فقالت الخزّان : يا رب ؛ لن يطيقها ولو خرجت على حالها لأهلكت ما بين مشارق الأرض ومغاربها. فأوحى الله : أخرجي على قدر خرق الخاتم ، فخرجت على قدر ذلك]. قال السّدّيّ : (فلمّا بعث الله على عاد الرّيح العقيم ودنت منهم ، نظروا إلى الإبل والرّجال تطير بهم الرّيح بين السّماء والأرض ، فتبادروا إلى البيوت ، فأخرجتهم الرّيح من البيوت حتّى أهلكتهم على ما ذكرناه) (٣).
وعن عليّ رضي الله عنه أنّه سأل رجلا من حضرموت : (هل رأيت كثيبا أحمر تخالطه ندرة حمراء فيه أراك وسدر كثير في ناحية كذا من حضرموت؟) قال : نعم يا أمير
__________________
(١) الأحقاف / ٢٤ ـ ٢٥.
(٢) هذه القصة بطولها أخرجها الطبري في جامع البيان : النص (١١٤٩٣). ونقلها الثعلبي في الكشف والبيان : ج ٤ ص ٢٤٧. وذكرها البغوي في معالم التنزيل : ص ٤٧٠ ـ ٤٧١ : قصة عاد.
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١١٤٩٥).