قوله تعالى : (مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ) ؛ أي من يصرف الله عنه العذاب العظيم يوم القيامة فقد رحمه ، (وَذلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ) (١٦) ؛ أي النجاة الوافرة الظّاهرة. قرأ أهل الكوفة إلا حفصا : (من تصرف) بفتح التّاء وكسر الراء ؛ وتفسيره ما ذكرناه. وقرأ الباقون (يصرف) على ما لم يسمّ فاعله ؛ أي من يصرف عنه العذاب بأمر الله ؛ فقد سبقت رحمة الله له بإيجاب الثّواب.
قوله تعالى : (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ) ؛ إن يصبك الله بفقر أو مرض أو بلاء ، فلا يقدر أحد من الأصنام وغيرها على كشف ذلك الضّرّ إلا الله ، وإنّما أطلق هذا اللفظ وإن كان يتصوّر أن يكشف الإنسان عن صاحبه كربة من الكرب ؛ لأن كاشف الضّرّ في الحقيقة هو الله تعالى ، إمّا أن يكشفه بفضله أو نسبة له.
قوله تعالى : (وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ) ؛ أي بفضل وسعة في الرزق وصحّة في الجسم ، فلا مزيل لها إلا هو. إلا أنه لم يقل : فلا مزيل لها إلا هو ؛ لأنه لمّا أكّد هذا في الضّرّ دلّ على هذا في الخير فاستغنى عن إعادته. وإنّما قال (يَمْسَسْكَ) مع أن كون المسّ المعيّن من صفة الأجسام ؛ لأنّ المعنى يمسسك الله تعالى الضّرر. قوله تعالى : (فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (١٧) ؛ أي لا يقدر أحد أن يمنعه عن فعل ما أراد فعله من كشف ضرّ أو غيره.
وعن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال : (أردفني رسول الله صلىاللهعليهوسلم وراءه وهو راكب على بغلة ، فلمّا سار بي مليّا التفت إليّ وقال لي : [يا غلام]. قلت : لبّيك يا رسول الله ، قال : [احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده أمامك ، تعرّف إلى الله في الرّخاء يعرفك في الشّدّة ، وإذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، وقد مضى القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة ، فلو جهد الخلائق أن ينفعوك بما لم يقض الله لك ؛ ما قدروا على ذلك ، ولو جهدوا أن يضرّوك بما لم يكتب الله عليك ؛ لما قدروا عليه. واعلم : أنّ النّصر مع الصّبر ، وأنّ مع الكرب الفرج ،