الساكن في الأشياء أعمّ ؛ لأنه ما من متحرّك إلا وسكن ؛ وفي الأشياء الساكنة ما لا يتحرك البتّة. قوله تعالى : (وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) معناه : السميع لمقالة الكفّار ، العليم بهم وبعقوبتهم. ويقال : هو السميع للأصوات والأقوال ، العليم بالأشياء والأرزاق.
وقوله عزوجل : (قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ؛ أي قل لهم يا محمّد : أسوى الله أعبد ربّا وأتّخذ ناصرا ، وقوله تعالى : (فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي خالقهما ومبدعهما ، قال ابن عبّاس : (ما كنت أدري ما (فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) حتّى أتاني أعرابيّان يختصمان في بئر ، فقال أحدهما لصاحبه : أنا فطرتها ، أي ابتدأتها ، يعني ابتدأت حفرها) (١).
قوله تعالى : (وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ) ؛ أي يرزق ولا يرزق ولا يعاون على الرّزق. وقرأ الأعمش : (ولا يطعم) بفتح الياء ؛ أي يرزق ولا يأكل ؛ أي لا يجوز عليه الحاجة. قوله تعالى : (فاطِرِ السَّماواتِ) انخفض لأنه نعت لا اسم لله تعالى ، ويجوز نصبه على معنى : أعني فاطر السّموات ، ويجوز رفعه على إضمار (هو).
قوله تعالى : (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ) ؛ أي قل لهم يا محمّد : إنّي أمرت أن أكون أوّل من أخلص لله بالتوحيد والعبادة من أهل هذا الزّمان.
قوله تعالى : (وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (١٤) ؛ لا يجوز أن يكون عطفا على قوله : (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ) لأنه غير مأمور بأن يقول : (وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) وإنّما هو نهي معطوف على أمر من حيث المعنى دون اللّفظ ؛ لأنّ معنى الآية : قيل لي كذا : أوّل من أسلم ولا تكوننّ من المشركين.
قوله عزوجل : (قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) (١٥) أي قل يا محمّد : إنّي أعلم أنّي إن عصيت ربي وعبدت غيره ، أن ينزل بي عذاب يوم عظيم شأنه وهو يوم القيامة.
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٠٢١٤).