مؤمنا وكافرا ؛ وشقيّا وسعيدا ، فكما خلقكم فكذلك تعودون إليه يوم القيامة ، (فَرِيقاً هَدى ؛) وهم المؤمنون ، (وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ ؛) وهم أهل الكفر ، وهذا قول ابن عبّاس ، كما قال تعالى : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ)(١) ثم يعيدهم يوم القيامة كما بدأ خلقهم مؤمنا وكافرا ، فيبعث المؤمن مؤمنا ؛ والكافر كافرا (٢).
وقال الحسن ومجاهد : (معناه : كما بدأكم فخلقكم في الدّنيا ولم تكونوا شيئا ، كذلك تعودون يوم القيامة أحياء) (٣).
قوله تعالى : (إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللهِ ؛) أي إنّ أهل الضّلالة اتّخذوا الشياطين أولياء بطاعتهم فيما دعوهم إليه ، (وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ) (٣٠) ؛ أي يظنّون أنّهم على الهدى.
قوله تعالى : (يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا) ذلك أنّ أهل الجاهليّة كانوا يطوفون بالبيت عراة ويقولون : لا نطوف في الثياب التي أذنبنا فيها ودنّسناها بالذنوب ، فكانت المرأة منهم تطوف بالبيت عريانة باللّيل ، إلا أنّها كانت تتّخذ سيورا مقطّعة تشدّ في حقويها ، فكانت السّيور لا تسترها سترا تامّا.
قال المفسّرون (٤) : كانت بنو عامر في الجاهليّة يفعلون ذلك ، كان رجالهم يطوفون عراة بالنّهار ، ونساؤهم ليلا. وحكي أنّ امرأة كانت تطوف عريانة وهي تقول (٥).
اليوم يبدو بعضه أو كلّه |
|
فما بدا منه فلا أحلّه |
__________________
(١) التغابن / ٢.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١١٢٦١).
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١١٢٧٠) عن الحسن بإسنادين ، والأثر (١١٢٧٣) عن مجاهد.
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١١٢٤٧) عن مجاهد ، والأثر (١١٢٧٦) عن ابن عباس.
(٥) ينسب إلى ضباعة بنت عامر بن صعصعة من بني سلمة بن قشير. السيرة النبوية لابن هشام : ج ١ ص ١٣٤.