وقال ابن جريج : (لباس التّقوى هو الإيمان) (١). وقال معبد الجهنيّ : (هو الحياء) (٢). وقيل : هو السّمت الحسن بالوجه. وقال وهب : (الإيمان عريان ؛ ولباسه التّقوى ؛ وريشه الحياء ؛ وماله الفقه ؛ وثمرته العمل الصّالح) (٣). وقيل : لباس التقوى ما يلبس من الثّياب للتّضرّع والتّخشّع مثل الصّوف والثّياب الخشنة ، وهو خير من لباس الكبر.
قرأ أهل المدينة والشّام والكسائيّ : (ولباس) بالنصب عطفا على قوله : (لباسا). وقرأ الباقون بالرّفع على الابتداء ؛ وخبره (خير). وجعلوا (ذلك) صلة في الكلام ، ولذلك قرأ ابن مسعود وأبيّ بن كعب : (ولباس التّقوى خير).
قوله تعالى : (ذلِكَ مِنْ آياتِ اللهِ ؛) معناه : إنّ إنزال اللّباس من دلائل الله على إثبات وحدانيّته ونعمه ، (لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) (٢٦) ، أي لكي يتّعظون فيعرفوا أنّ ذلك كلّه من الله تعالى.
قوله عزوجل : (يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ ؛) أي لا يضرّنّكم الشيطان بالدعاء إلى الغيّ والمعصية كما استزلّ أبويكم آدم وحوّاء من الجنّة (يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما ،) فتسبّب في نزع لباسهما لحملهما على المعصية ، وقوله تعالى : (لِيُرِيَهُما سَوْآتِهِما ؛) أي ليظهر لهما عوراتهما أنّ ذلك يغيظهما ، وإنّما أضاف الإخراج من الجنّة إلى الشيطان ؛ لأن ذلك كان بوسوسته وإغوائه.
واختلفوا في لباسهما في الجنّة ؛ فقال بعضهم : كان من لباس الجنّة ، عن ابن عبّاس : (أنّ لباسهما كان من الظّفر ؛ أي كان يشبه الظّفر ، فإنّه كان مخلوقا عليهما خلقة الظّفر) (٤). وقال وهب : (كان لباسهما من النّور) (٥). ومعنى قوله : (لا يَفْتِنَنَّكُمُ
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١١٢٣١).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١١٢٣٢).
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف : ج ٧ ص ١٨٩ : الأثر (٣٥٢٢٥).
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١١٢٤١) بأسانيد.
(٥) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١١٢٤٢).