قوله تعالى : (يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً ؛) أي أنزل الله المطر من السّماء فكانت الكسوة منه ، يعني أنّ لباسهم من نبات الأرض من القطن والكتّان. وهو ماء السّماء ، وما يكون من الكسوة من أصواف الأغنام ، فقوام الأنعام أيضا من نبات ماء السّماء ، كذا قال ابن عبّاس رضي الله عنهما : (وقوله : (يُوارِي سَوْآتِكُمْ) قوله تعالى : (وَرِيشاً) يعني مالا) هكذا قال ابن عبّاس ومجاهد والضحّاك والسّدّيّ (١).
ويقال : تريّش الرّجل ؛ إذ تموّل. وقال ابن زيد : (الرّيش : الجمال) (٢). وقرأ عثمان بن عفّان والحسن وقتادة : (ورياشا) بالألف وهو جمع ريش (٣) ، مثل ذئب وذئاب. وقال الأخفش : (الرّياش : الخصب والمعاش). وقيل : معنى الرّيش : ما يتأتث به في البيت من متاعه.
قوله تعالى : (وَلِباسُ التَّقْوى ؛) قال قتادة والسّدّيّ : (هو العمل الصّالح) (٤) ، (ذلِكَ خَيْرٌ ؛) لأنّه يقي من العذاب والعقاب ، كأنّه قال : لباس التّقوى خير من الثياب ؛ لأنّ الفاجر وإن كان حسن الثياب فهو بادي العورة. قال الشاعر :
إنّي كأنّي أرى من لا حياء له |
|
ولا أمانة وسط القوم عريانا |
__________________
(١) في جامع البيان : الأثر (١١٢٢١) عن ابن عباس ، والأثر (١١٢٢٢) عن مجاهد ، والأثر (١١٢٢٥) عن الضحاك ، والأثر (١١٢٢٣) عن السدي.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١١٢٢٨).
(٣) نقله الطبري في جامع البيان عن زر بن حبيش والحسن البصري : تفسير الآية. وفي الأثر عن الحسن البصري قال : رأيت عثمان بن عفان على منبر رسول الله صلىاللهعليهوسلم ... وذكره : الرقم (١١٢٣٥).
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١١٢٣٣) عن ابن عباس رضي الله عنهما. وفي الجامع لأحكام القرآن : ج ٧ ص ١٨٤ ؛ قال القرطبي : (وروى قاسم بن مالك عن عوف عن معبد الجهني ...) وذكره.