والدّنيا؟ فقال : [يا أبيّ ؛ إنّ الشّمس والقمر يكبتان الضّوء بعد ذلك ، ثمّ يطلعان ويغربان كما كانا قبل ذلك يطلعان ويغربان. فإنّ النّاس رأوا ما رأوا في فظاعة تلك الآية ، يلحون على الدّنيا (١) حتّى تجري إليها الأنهار ويغرسوا فيها الأشجار ، ويبنوا فيها البنيان].
فقال حذيفة بن أسيد والبراء بن عازب : كنّا نتذاكر السّاعة إذ أشرف علينا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ؛ فقال : [ما تتذاكرون؟] قلنا : السّاعة يا رسول الله ، قال : [إنّها لا تقوم حتّى يخرج الدّجّال ؛ ودابّة الأرض ؛ ويأجوج ومأجوج ؛ ونار تخرج من قعر عدن ؛ ونزول عيسى ؛ وطلوع الشّمس من مغربها](٢).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [لا تقوم السّاعة حتى تطلع الشّمس من مغربها ؛ فإذا طلعت ورآها النّاس ؛ آمنوا جميعا ، فذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا](٣).
قوله عزوجل : (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ ؛) قرأ حمزة والكسائيّ : (فارقوا) بالألف ؛ أي خرجوا من دينهم وتركوه ؛ وهي قراءة عليّ رضي الله عنه (٤). وقرأ الباقون (فرّقوا) بالتّشديد بغير ألف ؛ وهي قراءة ابن مسعود وابن عبّاس وأبيّ بن كعب ؛ أي جعلوا دين الله فرقا يتهوّد قوم ، ويتنصّر قوم ، يدلّ عليه قوله تعالى : (وَكانُوا شِيَعاً) أي فرقا مختلفة.
وقال مجاهد : (أراد بهم اليهود) (٥) فإنّهم كانوا يمالئون المشركين على المسلمين لشدّة عداوتهم. وقال قتادة : (هم اليهود والنّصارى ؛ فإنّ بعضهم يكفّر
__________________
(١) في المخطوط : (وأما الناس على الدنيا) وملاحظ فيه الخلل ، إذ فيه سقط. فضبط النص كما في تفسير الثعلبي : الكشف والبيان : ج ٤ ص ٢٠٩.
(٢) في الدر المنثور : ج ٣ ص ٣٩٦ ـ ٣٩٨ ؛ قال السيوطي : ((أخرجه ابن مردويه بسند واه عن ابن عباس عن النبي صلىاللهعليهوسلم ... وذكره)).
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١١٠٥٦) وأصله في الصحيحين.
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١١٠٨٢).
(٥) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١١٠٨٥) ، بأسانيد.