بعضا) (١). وعن أبي هريرة أنه قال : (هم أهل البدع والضّلالة من هذه الأمّة ، فإنّ بعضهم يكفّر بعضا بالجهالة) (٢).
قوله عزوجل : (وَكانُوا شِيَعاً ؛) أي فرقا مختلفة ، والشّيع : جمع الشّيعة ؛ وهي الفرقة التي يتبع بعضها بعضا ؛ يقال : شايعه على الأمر ؛ إذا اتّبعه ، وقيل : أصل الشّيع الظّهور ؛ يقال : شاع الحديث يشيع ؛ إذا ظهر.
قوله تعالى : (لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ؛) أي لست من مذاهبهم الباطلة في شيء ؛ أي أنت بريء من جميع ذلك ، (إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَى اللهِ ؛) أي مصيرهم ومنقلبهم إلى الله ، (ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ ؛) ثم يجزيهم في الآخرة ، (بِما كانُوا يَفْعَلُونَ) (١٥٩) ؛ أي بما كانوا يعملون في الدّنيا ، فيندم المبطل ، ويفرح المحقّ.
قوله عزوجل : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها ؛) أي من جاء بخصلة من الطاعات فله عشر حسنات ، (وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها ؛) أي من جاء بخصلة من المعصية فلا يجزى إلّا مثلها ، (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) (١٦٠) ؛ بالزيادة على مقدار ما يستحقّون من العقاب ، وإنّما قال ذلك لأنّ الفضل بالنّعم جائز ، والابتداء بالعقاب لا يجوز. وقرأ الحسن وسعيد بن جبير ويعقوب : (فله عشر) بالتنوين (أمثالها) بالرّفع على معنى : فله حسنات عشر أمثالها.
وقد تكلّم أهل العلم بالحسنات العشر التي وعد الله في هذه الآية ؛ فقال بعضهم : المراد بها التحديد بالعشرة. وقال بعضهم : المراد بها التضعيف دون التّحديد بالعشرة ؛ كما يقول القائل : لإن أسديت إليّ معروفا لأكافئنّك بعشرة أمثاله.
ثمّ اختلفوا ؛ فقال بعضهم : هو كلّه بفضل وثواب غير ذلك ؛ كأنه قال تعالى : من جاء بالحسنة فله عشر حسنات من النّعم والسّرورة زيادة على ثواب حسنته.
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١١٠٨٦).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الحديث (١١٠٩١ ـ ١١٠٩٣). وأخرجه الطبراني في الأوسط : الحديث (٦٦٨). وفي مجمع الزوائد : ج ٧ ص ٢٣ ؛ قال الهيثمي : ((رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح غير معلل بن نفيل وهو ثقة)).