قوله تعالى : (وَلا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ) ؛ أي لا تتّبعوا شهوات أوليائكم ورؤسائكم ، ولا تؤثروا الهوى على البيان والبرهان ، (وَأَضَلُّوا كَثِيراً) ؛ من السّفلة الذين أطاعوهم ، (وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ) (٧٧) ؛ وأصرّوا على ضلالتهم عن قصد الطريق.
قوله تعالى : (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ) ؛ أي طرد الذين كفروا من بني إسرائيل وبوعدوا من رحمة الله ، (عَلى لِسانِ داوُدَ) ؛ أي بدعائه عليهم حين اعتدوا في السّبت ، فمسخهم الله قردة. (وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ) ، أي ولعنوا بدعاء عيسى حين كفروا بعد ذلك بالمائدة فمسخهم الله خنازير ، (ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ) (٧٨) ؛ ذلك اللّعن والتعذيب بعصيانهم واستحلالهم المعاصي وقتلهم الأنبياء عليهمالسلام بغير حقّ.
ثم بيّن الله تعالى سبب المعصية والكفر ، فقال تعالى : (كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ) ؛ أي لا ينهى بعضهم بعضا عن قبيح يعملونه ، واصطلحوا على الكفّ عن نهي المنكر ، (لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ) (٧٩) ؛ ودخول اللام في (لَبِئْسَ) للقسم والتوكيد.
قوله عزوجل : (تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) ؛ ترى يا محمّد كثيرا من اليهود يوالون مشركي العرب على معاداتك ومحاربتك ، يعني كعب بن الأشرف وأصحابه. وقيل : معناه : ترى كثيرا من المنافقين يتولّون اليهود ، (لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ) ؛ أي بئس ما عملوا لأنفسهم حين ، (أَنْ سَخِطَ اللهُ عَلَيْهِمْ) ؛ وموضع (أَنْ سَخِطَ) نصب على تأويل بئس الشيء ذلك لإن أكسبهم السّخط ، فانتصب (أن) بلام (كي) ، ويجوز أن يكون موضعه رفعا على إضمار (هو) تقديره : هو أن سخط الله عليهم ، (وَفِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ) (٨٠) ؛ أي مقيمون دائمون.
قوله تعالى : (وَلَوْ كانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ) ؛ معناه : لو كان اليهود يصدّقون بوحدانيّة الله تعالى ، (وَالنَّبِيِّ) ، وبمحمّد صلىاللهعليهوسلم ، (وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِ) ، أي والقرآن الذي أنزل إليه ، (مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِياءَ) ، ما اتّخذوا