كفار قريش وسائر عبدة الأوثان أحبّاء في العون والنّصرة على حرب النبيّ صلىاللهعليهوسلم ؛ (وَلكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ) ؛ من اليهود ؛ (فاسِقُونَ) (٨١) ؛ خارجون عن الطاعة ، ناقضوا العهد.
قوله عزوجل : (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا) ؛ أي لتجدنّ يا محمّد أشدّ الناس عداوة لك وللذين آمنوا اليهود ، وهم يهود بني قريظة وبني النضير وفدك وخيبر ، كانوا أشدّ اليهود عداوة للنبيّ صلىاللهعليهوسلم وللمؤمنين. وروي عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : [ما خلا يهوديّان بمسلم إلّا همّا بقتله](١). قوله تعالى : (وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا) يعني مشركي العرب كانوا في العداوة مثل اليهود.
قوله تعالى : (وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى) ؛ لم يرد جميع النّصارى مع ما هم فيه من عداوة المسلمين ، وتخريب بلادهم وهدم مساجدهم وقتلهم وأسرهم وأخذ مصاحفهم. وإنما نزلت هذه الآية في النجاشيّ وأصحابه. قال ابن عبّاس وسعيد بن جبير والسديّ : (نزلت هذه الآية في النّجاشيّ وأصحابه ، وكان النّجاشيّ ملك الحبشة نصرانيّا قبل ظهور الإسلام ، ثمّ أسلم هو وأصحابه) (٢).
__________________
(١) في الدر المنثور : ج ٣ ص ١٢٩ ؛ قال السيوطي : «أخرجه أبو الشيخ وابن مردويه عن أبي هريرة» ، ولفظه : [ما خلا يهوديّ بمسلم إلّا همّ بقتله] ، وفي لفظ : [إلّا حدّث نفسه بقتله].
وفي الفردوس بمأثور الخطاب : أخرجه الديلمي في النص (٦٣٤٠). وأخرجه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد : الترجمة (٤٤١١) : ج ٨ ص ٣١٢ : خالد بن زيد أبو الهيثم الأزدي ، وأشار إلى غرابته منه. وفي فيض القدير شرح الجامع الصغير : ج ٥ ص ٤٤٤ : الحديث (٧٩٠٣) ؛ قال السخاوي : «طريق الخطيب أجود» أي أجود من طريق ابن حبان حيث ضعّفه. ومن كلام السخاوي في فيض القدير ، وفي المقاصد الحسنة : الحديث (٩٥٧). والعجلوني في كشف الخفا : الحديث (٢٢٠٨) ، يميلون جميعهم من خلال نقولاتهم إلى تصحيح المعنى ، مع أنهم ضعفوه إسنادا ، ويأتون بالشواهد عليه واقعيا.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٩٦١٦ ـ ٩٦١٨).