الذي لا يبصر ، والأصمّ الذي لا يسمع ، فصاروا كالعمي والصّمّ. (ثُمَّ تابَ اللهُ عَلَيْهِمْ) ؛ أي تجاوز عنهم بأن أرسل إليهم محمّدا صلىاللهعليهوسلم يعلمهم أنه قد تاب عليهم إن آمنوا وصدّقوا فلم يؤمن أكثرهم ، ويقال : دانوا بعد ذلك وتابوا من الكفر فقبل الله توبتهم ، فلمّا بعث الله محمّدا صلىاللهعليهوسلم وجاءهم ما عرفوا كفروا به ، فذلك قوله : (فَعَمُوا وَصَمُّوا) أي عموا عن الهدى ، وصمّوا عن الحقّ بعد أن ازداد لهم الأمر وضوحا بالنبيّ صلىاللهعليهوسلم.
قوله تعالى : (ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ) ؛ بدل من الواو في قوله (عَمُوا) كأنه قال : عمي وصمّ كثير منهم ، وهذا كما يقال : جاءني قومك أكثرهم ، وقوله : (كَثِيرٌ مِنْهُمْ) يقتضي في المرة الثانية أنّهم لم يكفروا بأكملهم ، وإنما كفر أكثرهم ، كما قال تعالى : (لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ)(١) وقال تعالى : (مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ)(٢).
ويحكى عن بعض أهل اللّغة جواب جمع الفعل متقدّما على الاسم ، كما يقال : أكلوني البراغيث ، ويجوز أن يكون (كَثِيرٌ) خبر مبتدأ محذوف ؛ معناه : العمي والصمّ كثير منهم.
وقوله : (وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ) (٧١) ؛ أي بما تعملون من التكذيب ونقض الميثاق وتحريف الكلام.
قوله تعالى : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ) ؛ نزلت في نصارى نجران السيّد والعاقب ومن معهما ، وهم الماريعقوبيّة ؛ قالوا : إنّ الله هو المسيح بن مريم.
قوله تعالى : (وَقالَ الْمَسِيحُ يا بَنِي إِسْرائِيلَ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ) ؛ إعلام من الله تعالى أن المسيح دعاهم إلى توحيد الله تعالى ، وأعلمهم
__________________
(١) آل عمران / ١١٣.
(٢) المائدة / ٦٦.