فانطلق رسول الله صلىاللهعليهوسلم ومعه أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ حتّى أتى بني قريظة ؛ فقال لهم : [إنّكم جيراننا وحلفاؤنا ، وقد علمتم ما أصبنا به من دم الرّجلين من بني سليم وهما من أهل الميثاق ، ونحن نريد أن نؤدّي ديتهما ، فاتّخذوا بها عندنا يدا نجزيكم بها بعد اليوم ، فإنّ الأيّام دول]. فقالوا : مرحبا وأهلا يا أبا القاسم ، ولكنّ إخواننا من بني النّضير لا نقضي أمرا من دونهم ، نعلمهم بذلك حتّى تأتينا يوم كذا وقد جمعنا الّذي تريد. فرجع رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه.
فلمّا كان يوم الميعاد ؛ أتاهم ومعه أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ وطلحة وعبد الرّحمن بن عوف ؛ فأجلسوهم في بيت ، ثمّ خرجوا يجمعون السّلاح ، وخلا بعضهم ببعض وقالوا : إنّكم لن تجدوا محمّدا أقرب منه الآن ؛ فمن يظهر على هذا البيت فيطرح عليه صخرة فيريحنا منه ، فقال عمر بن جحّاش : أنا ، فجاء إلى رحاء عظيمة ليطرحها عليه ؛ فأمسك الله أيديهم.
وقيل : لمّا جمعوا السّلاح وهمّوا بقتل رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه ، جاء جبريل عليهالسلام فأخبر النّبيّ صلىاللهعليهوسلم بذلك ، فخرج النّبيّ صلىاللهعليهوسلم فقام على الباب ، وإذا هم مجتمعون ينتظرون قدوم كعب بن الأشرف ليهجموا على النّبيّ صلىاللهعليهوسلم وأصحابه ، وخرج عليّ رضي الله عنه وإذا هو برسول الله صلىاللهعليهوسلم قائما على الباب ، فقال : يا رسول الله! أبطأت علينا حتّى خفنا أن يكون قد اغتالك أحد ، فقال : [قد أرادوا ذلك ، اللهمّ العنهم]. ثمّ خرج بقيّة أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فلحقوا جميعا بالنّبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فجاءت اليهود فقالوا : يا رسول الله! إنّ قدورنا تغلي نريد أن نطعمك ، وقد رجعت بغير علمنا. فأخبرهم بما همّوا به وعزموا عليه ، فأنزل الله هذه الآية).
ومعناها : يا أيّها الّذين آمنوا بالله وكتبه ورسله احفظوا منّة الله عليكم إذ همّ قوم ـ وهم بنو قريظة ـ أن يبسطوا إليكم أيديهم بالقتل ، (فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ) ؛ بالمنع عن قتلكم ، (وَاتَّقُوا اللهَ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (١١) ؛ في جميع أمورهم وأحوالهم.
قوله عزوجل : (وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً) ؛ أي أخذ الله العهد على بني إسرائيل أن يؤمنوا به وبجميع كتبه