شرّا ، فكان الله لهم دليلا على عدة الخير ، ثم فسّر ذلك الخير فقال : (لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ) (٩) ؛ أي مغفرة لذنوبهم ، وثواب عظيم في الجنّة. قوله تعالى : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ) (١٠) ؛ أي أصحاب النّار الموقدة ، والجحيم من أسماء جهنّم.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ) ؛ قال ابن عبّاس رضي الله عنهما : (وذلك أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعث سريّة سبعين رجلا إلى بني عامر بن صعصعة ، وأمّر عليهم المنذر بن عمرو الأنصاريّ ، وكان طريقهم على بني سليم ، وكانوا يومئذ صلحاء لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وأمر عليهالسلام السّريّة أن ينزلوا على بني سليم فنزلوا عليهم ، فبعث بنو سليم إلى بني عامر وأخبروهم بأمرهم وقلّتهم ، فارتحل المسلمون من عند بني سليم إلى بني عامر ، فأضلّ أربعة منهم بعيرا لهم ، فاستأذنوا أميرهم أن يطلبوا بعيرهم ثمّ يلحقوا بهم فأذن لهم ، وسار المنذر بمن بقي معه حتّى أتاهم وقد جمعوا لهم واستعدّوا لهم بالسّلاح ، فالتقوا ببئر معونة فاقتتلوا قتالا شديدا ، ثمّ قتل المنذر ومن معه جميعا.
ثمّ أقبل الأربعة الّذين أضلّوا البعير ، فلقيتهم أمة لبني عامر فقالت لهم : أمن أصحاب محمّد أنتم؟ قالوا : نعم ، قالت : فإنّ إخوانكم قد قتلوا جميعا على الماء ، فقال أحد الأربعة : ما ترون؟ قالوا : نرى أن نرجع إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فنخبره بالأمر ، قال : لا ؛ ولكن والله لم أكن لأرغب بنفسي عن أصحابي ، إرجعوا فأقرئوا محمّدا صلىاللهعليهوسلم منّي السّلام. ثمّ أشرف على أصحابه فإذا هم مقتولون ، والمشركون قعود يتغدّون ، فانحدر إليهم من الجبل بسيفه فقاتلهم حتّى قتل.
وغشي الثّلاثة المدينة ، فلقوا رجلين من بني سليم خارجين من المدينة فقالا لهما : من أنتما؟ قالا : من بني عامر ، قالا : هذان من الّذين قتلوا إخواننا ؛ فقتلوهما وأخذوا سلاحهما ، ثمّ دخلوا المدينة فأخبروا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : [بئس ما صنعتم ، قتلتم رجلين من أهل الميثاق]. وجاء أولياء القتيلين يطلبون القصاص ، فقال صلىاللهعليهوسلم : [ليس لكم إلّا دية صاحبيكم أغرنا إلى عدوّنا من بني عامر ، ولكنّا نؤدّي إليكم الدّية].