(وَالشُّهَداءِ) ؛ هم الذين استشهدوا في سبيل الله ، (وَالصَّالِحِينَ) ؛ وهم الذين استقامت أحوالهم بحسن عملهم ، والمصلح المقوّم بحسن عمله. وقال عكرمة : (النّبيّون : ها هنا محمّد صلىاللهعليهوسلم ، والصّدّيقون : أبو بكر ، والشّهداء : عمر وعثمان وعليّ ، والصّالحون : سائر الصّحابة) (١).
فإن قيل فكيف يكون المطيعون لله ورسوله مع النبيّين ودرجتهم في أعلى علّيّين؟ قيل : إنّ الأنبياء ولو كانوا في أعلى علّيّين ؛ فإنّ غيرهم من المؤمنين يرونهم ويزورونهم ويستمتعون برؤيتهم ، فيصلح اللفظ أن يقال إنّهم معهم.
قوله تعالى : (وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً (٦٩)) ؛ أي حسن الأنبياء ومن معهم رفقاء في الجنّة ؛ أي ما أحسن مرافقتهم فيها ، فذكر الرفيق بلفظ التوحيد ؛ لأنه نصب على التمييز ، كما في قوله تعالى : (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً) ويجوز أن يكون معناه : حسن كلّ واحد من أولئك رفيقا ، كما قال تعالى : (ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً)(٢) ولم يقل أطفالا.
قوله تعالى : (ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللهِ) ؛ أي ذلك المنّ من الله على المطيعين ، (وَكَفى بِاللهِ عَلِيماً (٧٠)) ؛ بهم وبأعمالهم ومجازيا لهم بما يستحقّونه من ثواب وكرامة.
قوله عزوجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ) ؛ أي أسلحتكم ، (فَانْفِرُوا ثُباتٍ) ؛ أي من عدوّكم بالأسلحة والرّجال ، ولا تخرجوا متفرّقين ، ولكن اخرجوا ثبات ، (أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً (٧١)) ؛ أي اخرجوا جماعات جماعات ؛ سريّة سريّة كما يأمركم رسول الله صلىاللهعليهوسلم في جهاد عدوّكم ، واخرجوا كلّكم جميعا مع النبيّ صلىاللهعليهوسلم إن أراد الخروج ، والثّبات : الجماعات في تفرقة واحدها ثبة ؛ أي انفروا جماعة بعد جماعة ، ويجوز أن يكون معنى : الحذر : السّلاح.
__________________
(١) في اللباب في علوم الكتاب : ج ٦ ص ٤٧٩ ؛ أورده عن عكرمة. وفي الجامع لأحكام القرآن : ج ٥ ص ٢٧٢ أشار إليه القرطبي بإجمال.
(٢) غافر / ٦٧.