خالفت أمري وكنت لي ـ والله ـ عاصيا. فصعد المنبر وأعلم الناس أنّ أبا بكر خالفه. ثمّ قال : إنّ الله أمرني أن أبعث إليهم عمر مكانه في أربعة آلاف فارس. فقال له : يا عمر ، سر على اسم الله ولا تعمل كما عمل أبو بكر أخوك. فإنّه عصى الله وعصاني. فلمّا أشرف على الوادي ، خرج إليه مائتا فارس وقالوا له ما قالوا لأبي بكر ، فرجع هاربا منهم. فلمّا رجع إليه قال له : يا عمر ، عصيت الله في عرشه وخالفت قولي. ثمّ قال : إنّ جبرئيل أمرني أن أبعث عليّا في هؤلاء المسلمين وأخبرني أنّ الله يفتح عليه وعلى أصحابه. فدعا عليّا وأوصاه بما أوصاهما. فلمّا أشرفوا على الوادي ، نزلوا ، فأخرجوا إليهم مائتي رجل شاكين بالسلاح. فخرج إليهم عليّ في نفر من أصحابه وقال : أنا عليّ بن أبي طالب. أدعوكم إلى الإيمان. فقالوا له : إيّاك أردنا. فاستعدّ للحرب غدا. فلمّا انشقّ عمود الصبح ، غار عليهم بأصحابه ، فلم يعلموا حتّى وطأتهم الخيل ؛ فقتل مقاتليهم وسبى ذراريهم وخرّب ديارهم وأقبل بالأسارى والأموال. فاستقبله النبيّ صلىاللهعليهوآله على ثلاثة أميال من المدينة. وما غنم المسلمون مثلها قطّ. فنزلت هذه السورة : (وَالْعادِياتِ ضَبْحاً). (١)
[١] (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * وَالْعادِياتِ ضَبْحاً (١))
عن أمير المؤمنين عليهالسلام : العاديات الإبل من عرفة إلى المزدلفة ، ومن المزدلفة إلى منى. (٢)
(وَالْعادِياتِ). أقسم بخيل الغزاة تعدو فتضبح ضبحا ؛ وهو صوت أنفاسها عند العدو.
ونصبه بفعله المحذوف. (٣)
[٢] (فَالْمُورِياتِ قَدْحاً (٢))
(فَالْمُورِياتِ قَدْحاً) : فالّتي توري النار. والإيراء : إخراج النار. يقال : قدح الزند
__________________
(١) تفسير القمّيّ ٢ / ٤٣٤ ـ ٤٣٨.
(٢) مجمع البيان ١٠ / ٨٠٣. وفيه : وروي أيضا أنّها إبل الحاجّ تعدو من عرفة إلى ....
(٣) تفسير البيضاويّ ٢ / ٦١٥.