عضوا. فأنزل الله سبحانه : (أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى) ـ الآية. والمعنى : أرأيت ـ يا محمّد ـ من يمنع عن الصلاة ما ذا يكون جزاؤه وما الذي يستحقّه من العذاب؟ فحذف لدلالة الكلام عليه. والآية عامّة في كلّ من ينهى عن الصلاة. (أَرَأَيْتَ إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى). كرّر هذه اللّفظة للتأكيد في التعجّب. يعني : أرأيت إن كان العبد المنهيّ وهو محمّد صلىاللهعليهوآله. (أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوى). يعني بالإخلاص والتوحيد. وهاهنا حذف أيضا. أي : كيف يكون حال من ينهاه عن الصلاة ويزجره عنها؟ (أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ) أبو جهل (وَتَوَلَّى) عن الإيمان وأعرض عن قبوله والإصغاء إليه. (بِأَنَّ اللهَ يَرى) ؛ أي : يرى ما يفعله ويعلم ما يصنعه. والتقدير : أرأيت الذي فعل هذا الفعل ما الذي يستحقّ بذلك من الله تعالى من العقاب؟ (١)
(أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى عَبْداً) ؛ أي : أخبرني عن من ينهى بعض عباد الله عن صلاته ، إن كان [ذلك] الناهي على طريقة سديدة فيما ينهى عنه من عبادة الله ، أو كان آمرا بالمعروف والتقوى فيما يأمر به من عبادة الأوثان كما يعتقد ، وكذلك أخبرني إن كان على التكذيب للحقّ والتولّي عن الدين الصحيح كما نقول نحن (أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرى) ويطّلع على أحواله من هداه وضلاله فيجازيه على حسب ذلك؟ وهذا وعيد. (٢)
[١٥ ـ ١٦] (كَلاَّ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ (١٥) ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ (١٦))
(كَلَّا). ردع لأبي جهل وخسء له عن نهيه عن عبادة الله وأمره بعبادة اللّات. (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ) عمّا هو فيه (لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ) : لنأخذنّ بناصيته ولنسحبنّه بها إلى النار. والسفع : القبض على الشيء وجذبه بشدّة. (ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ). بدل من الناصية. [وجاز بدلها عن المعرفة وهي نكرة] لأنّها نكرة موصوفة. ووصفها بالكذب والخطاء على الإسناد المجازيّ وهما في الحقيقة لصاحبها. (٣)
__________________
(١) مجمع البيان ١٠ / ٧٨٢.
(٢) الكشّاف ٤ / ٧٧٧ ـ ٧٧٨.
(٣) الكشّاف ٤ / ٧٧٨.