أي : لأن رأى نفسه مستغنية عن ربّه بعشيرته وأمواله. وقيل : إنّما نزلت في أبي جهل بن هشام من هنا إلى آخر السورة. (١)
[٨] (إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى (٨))
(الرُّجْعى) ؛ أي : مرجع كلّ أحد. فهذا الطاغي كيف يعصي ربّه وهو قادر على إهلاكه وعلى مجازاته إذا رجع إليه. (٢)
(إِنَّ إِلى رَبِّكَ). واقع على طريقة الالتفات إلى الإنسان تهديدا له من عاقبة الطغيان. روي أنّ أبا جهل قال لرسول الله صلىاللهعليهوآله : أتزعم أنّ من استغنى طغى؟ فاجعل لنا جبال مكّة فضّة وذهبا لعلّنا نأخذ منها فنطغى فندع ديننا ونتّبع دينك. فنزل جبرئيل فقال : إن شئت فعلنا ذلك ، ثمّ إن لم يؤمنوا ، فعلنا بهم ما فعلنا بأصحاب المائدة. فكفّ رسول الله صلىاللهعليهوآله عن الدعاء إبقاء عليهم. (٣)
[٩ ـ ١٤] (أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى (٩) عَبْداً إِذا صَلَّى (١٠) أَرَأَيْتَ إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى (١١) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوى (١٢) أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (١٣) أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرى (١٤))
(يَنْهى عَبْداً إِذا صَلَّى). قال : كان الوليد بن المغيرة لينهى الناس عن الصلاة وأن يطاع الله. (٤)
(أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى * عَبْداً إِذا صَلَّى). تقرير للنبيّ صلىاللهعليهوآله وإعلام له بما يفعله بمن ينهاه عن الصلاة. فقد روي أنّ أبا جهل قال : هل يعفّر محمّد وجهه بين أظهركم؟ قالوا : نعم. قال : فبالذي يحلف به أبو جهل ، لئن رأيته يفعل ذلك لأطأنّ على رقبته! فقيل له : ها هو ذلك يصلّي. فانطلق ليطأ على رقبته. فجاءه ثمّ نكص على عقبيه. فقالوا : ما لك؟ قال : إنّ بيني وبينه خندقا من نار وهولا وأجنحة. قال نبيّ الله صلىاللهعليهوآله : لو دنا منّي ، لاختطفته الملائكة عضوا
__________________
(١) مجمع البيان ١٠ / ٧٨٢.
(٢) مجمع البيان ١٠ / ٧٨٢.
(٣) الكشّاف ٤ / ٧٧٧.
(٤) تفسير القمّيّ ٢ / ٤٣٠.