[١٧ ـ ١٨] (فَلْيَدْعُ نادِيَهُ (١٧) سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ (١٨))
والنادي : المجلس الذي ينتدي فيه القوم ؛ أي : يجتمعون. والمراد أهل النادي. روي أنّ أبا جهل مرّ برسول الله صلىاللهعليهوآله وهو يصلّي فقال : ألم أنهك؟ فأغلظ له رسول الله صلىاللهعليهوآله. فقال : أتهدّدنّني وأنا أكثر أهل الوادي ناديا؟ فنزلت : (سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ). من الزبن وهو الدفع. والمراد بهم ملائكة العذاب. وعنه صلىاللهعليهوآله : لو دعا ناديه ، لأخذته الزبانية عيانا. (١)
وقوله : (فَلْيَدْعُ نادِيَهُ) قال : لمّا مات أبو طالب نادى أبو جهل والوليد : هلمّوا واقتلوا محمّدا. فقد مات الذي كان ناصره. فقال الله : (فَلْيَدْعُ نادِيَهُ* سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ). قال : كما دعا إلى قتل محمّد رسول الله صلىاللهعليهوآله نحن أيضا ندع الزبانية. (٢)
(سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ). قيل : إنّه إخبار بأنّه يدعو الزبانية دعا ناديه أو لم يدع. وصدق سبحانه في ذلك فقتل يوم بدر. يعني أبا جهل. (٣)
[١٩] (كَلاَّ لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (١٩))
(كَلَّا). ردع لأبي جهل. (لا تُطِعْهُ) ؛ أي : اثبت على ما أنت عليه من عصيانه ـ كقوله : (فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ)(٤) ـ ودم على سجودك. يريد الصلاة. (وَاقْتَرِبْ) : وتقرّب إلى ربّك. وفي الحديث : أقرب ما يكون العبد إلى ربّه إذا سجد. (٥)
وقد روي أنّه يقول في سجدة العزائم : لا إله إلّا الله إيمانا وتصديقا. لا إله إلّا الله عبوديّة ورقّا. سجدت لك يا ربّ تعبّدا ورقّا لا مستنكفا ولا مستكبرا ؛ بل أنا عبد ذليل خائف مستجير. ثمّ يرفع رأسه ثمّ يكبّر. (٦)
__________________
(١) الكشّاف ٤ / ٧٧٨ ـ ٧٧٩.
(٢) تفسير القمّيّ ٢ / ٤٣١.
(٣) مجمع البيان ١٠ / ٧٨٣.
(٤) القلم (٦٨) / ٨.
(٥) الكشّاف ٤ / ٧٧٩.
(٦) الفقيه ١ / ١٣٤ ، ح ٦٢٨.