فهو وعد لجميع المؤمنين. يعني بذلك أنّ مع العسر في الدنيا للمؤمن يسرا في الآخرة ، وربما اجتمع له اليسران يسر الدنيا وهو ما ذكر في الآية الأولى ويسر الآخرة وهو ما ذكر في الآية الثانية. وهذا الذي ذهب إليه المرتضى لأنّ الأصل تغاير الكلامين. (١)
(إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً). إن قلت : إنّ مع للصحبة. فما معنى اصطحاب العسر واليسر؟ قلت : أراد أنّ الله يصيبهم بيسر بعد العسر الذي كانوا فيه بزمان قريب ، فقرّب اليسر المترقّب حتّى جعله كالمقارن للعسر زيادة في التسلية وتقوية القلوب. وأمّا تنكير (يُسْراً) فللتعظيم. (٢)
[٧] (فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (٧))
(فَإِذا فَرَغْتَ) من الصلاة المكتوبة (فَانْصَبْ) إلى ربّك في الدعاء. وهو المرويّ عن أبي عبد الله عليهالسلام. وهو من النصب بمعنى التعب. أي : لا تشتغل بالراحة. وقال الصادق عليهالسلام : هو الدعاء في دبر الصلوات وأنت جالس. (٣)
(فَإِذا فَرَغْتَ) من حجّة الوداع (فَانْصَبْ) أمير المؤمنين (٤) وصيّك وأعلمهم فضله علانية. فقال : (٥) من كنت مولاه ، فعليّ مولاه ـ الحديث.
ومن البدع ما روي عن بعض الرافضة أنّه قرأ : «فإذا فرغت فانصب» ـ بكسر الصاد ـ أي : فانصب عليّا للإمامة. ولو صحّ هذا للرافضيّ ، لصحّ للناصبيّ أن يقرأ هكذا ويجعله أمرا من النصب الذي هو بغض عليّ وعداوته. (٦)
أقول : لا يخفى أنّ هذا الرجل كان مضمرا لهذه الكلمة الخبيثة ولم يتمكّن من إظهارها لعدم مناسبة المقام ، والآن انتهز الفرصة. وإلّا فالرافضيّ ذكر القراءة وروى بمضمونها
__________________
(١) مجمع البيان ١٠ / ٧٧١ ـ ٧٧٢.
(٢) الكشّاف ٤ / ٧٧١ ـ ٧٧٢.
(٣) مجمع البيان ١٠ / ٧٧٢.
(٤) تفسير القمّيّ ٢ / ٤٢٨. وما يأتي بعده في المتن لا يوجد فيه.
(٥) في النسخة زيادة : «عليه».
(٦) الكشّاف ٤ / ٧٧٢.