الاستغفار. يقول : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ) ـ الآية. (١)
(وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ). كان عبد الله بن أبيّ رجلا جسيما صبيحا ذلق اللّسان وقوم من رؤساء المنافقين في مثل صفته. وكانوا يحضرون مجلس رسول الله صلىاللهعليهوآله ويستندون فيه ولهم جهارة المناظر وفصاحة الألسن. وكان النبيّ ومن حضر يعجبون بهياكلهم ويستمعون إلى كلامهم. وقد شبّهوا في استنادهم ـ وما هم إلّا أجرام خالية عن الإيمان والخير ـ بالخشب المسنّدة إلى الحائط. ولأنّ الخشب إذا انتفع به ، كان في سقف وجدار وغيرهما ، وما دام متروكا غير منتفع به ، استند إلى الحائط ، فشبّهوا به في عدم الانتفاع. ويجوز أن يراد بالخشب المسنّدة الأصنام المنحوتة من الخشب المسنّدة إلى الحيطان. شبّهوا بها في حسن صورهم وقلّة جدواهم. والخطاب في (رَأَيْتَهُمْ) لرسول الله أو لكلّ من يخاطب. (عَلَيْهِمْ). ثاني مفعولي (يَحْسَبُونَ). أي : واقعة عليهم وضارّة لهم. (٢)
[٥] (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (٥))
(لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ) ؛ أي : أكثروا تحريكها بالهزء لها استهزاء بدعائهم إلى ذلك. وقيل : أمالوها إعراضا عن الحقّ وكراهة لذكر النبيّ صلىاللهعليهوآله لكفرهم واستهزائهم واستكبارهم. (مُسْتَكْبِرُونَ) ؛ أي : متكبّرون مظهرون أنّه لا حاجة لهم إلى استغفاره. نافع : (لَوَّوْا) بالتخفيف. (٣)
عن الكاظم عليهالسلام : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ) ؛ أي : إذا قيل لهم ارجعوا إلى ولاية عليّ يستغفر لكم النبيّ من ذنوبكم ، (لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ) عن ولاية عليّ عليهالسلام (وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ) عليه. (٤)
روي : انّ رسول الله صلىاللهعليهوآله حين لقي بني المصطلق على المريسيع ـ وهو ماء لهم ـ وهزمهم
__________________
(١) تفسير القمّيّ ٢ / ٣٧٠.
(٢) الكشّاف ٤ / ٥٤٠.
(٣) مجمع البيان ١٠ / ٤٤٠ و ٤٣٨.
(٤) الكافي ١ / ٤٣٣ ، ح ٩١.