(لَكاذِبُونَ). (فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ). السبيل هو الوصيّ. (بِأَنَّهُمْ آمَنُوا) برسالتك وكفروا بولاية وصيّك. (لا يَفْقَهُونَ) : لا يعقلون نبوّتك. (١)
[٤] (وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (٤))
(تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ) بحسن منظرهم وتمام خلقتهم. (تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ) ؛ أي : إذا قالوا قولا ، أصغيت إلى كلامهم لحسن منطقهم وفصاحة لسانهم وبلاغة بيانهم. (خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ) ؛ أي : [أشباح] بلا أرواح. شبّههم في خلوّهم من العقول والأفهام بالخشب المسنّدة إلى شيء لا أرواح فيها. وقيل : شبّههم بخشب نخرة متأكّلة لا خير فيها فيحسب من رآها أنّها صحيحة سليمة من حيث إنّ ظاهرها يروق [و] باطنها [لا يفيد]. فكذلك المنافق ظاهره معجب رائع وباطنه عن الخير زائغ. (يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ). وصفهم الله بالخور والهلع. أي : يظنّون كلّ صيحة يسمعونها أنّها مهلكتهم وأنّهم المقصودون بها جبنا ووجلا. وذلك مثل أن ينادي مناد في العسكر أو يصيح بصاحبه أو انفلتت دابّة. وقيل : إنّهم إذا سمعوها ظنّوها آية منزلة في شأنهم وفي الكشف عن حالهم لما عرفوا [من] الغشّ والخيانة في صدورهم. ولذلك قيل : المريب خائف. (فَاحْذَرْهُمْ) أن تأمنهم على سرّك. (قاتَلَهُمُ اللهُ) : خذلهم الله ولعنهم. وقيل : إنّه دعاء عليهم بالهلاك. لأنّ من قاتله الله فهو مقتول. (أَنَّى يُؤْفَكُونَ) : أنّى يصرفون عن الحقّ مع كثرة الدلالات؟ وهذا توبيخ وتقريع لا استفهام. وقيل : معناه : كيف يكذبون؟ (٢)
عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله : (كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ) يقول : لا يسمعون ولا يعقلون. (كُلَّ صَيْحَةٍ). يعني كلّ صوت. فلمّا أنبأ الله رسوله وعرّفه خبرهم ، مشى إليهم عشائرهم وقالوا لهم : لقد افتضحتم. ويلكم! فأتوا رسول الله يستغفر لكم. فلوّوا رؤوسهم وزهدوا في
__________________
(١) الكافي ١ / ٤٣٢ ـ ٤٣٣ ، ح ٩١.
(٢) مجمع البيان ١٠ / ٤٣٩ ـ ٤٤٠.