[٢] (اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (٢))
(جُنَّةً) ؛ أي : سترة يستترون بها من الكفر لئلّا يقتلوا ولا يسلبوا ولا تؤخذ أموالهم. (فَصَدُّوا) الخلق عن دين الله بأن دعوهم إلى الكفر في الباطن. (ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) ؛ أي : بئس الذي يعملونه من إظهار الإيمان مع إبطان الكفر والصدّ عن السبيل. (١)
(أَيْمانَهُمْ جُنَّةً). يجوز أن يراد أنّ قولهم : (نَشْهَدُ إِنَّكَ) يمين من أيمانهم الكاذبة. لأنّ الشهادة تجري مجرى الحلف فيما يراد به من التوكيد. يقول الرجل : أشهد بالله ، في موضع أقسم بالله. ويجوز أن يكون وصفا للمنافقين في استجنانهم بالأيمان. (٢)
[٣] (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ (٣))
(آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا) ؛ أي : آمنوا بألسنتهم ثمّ كفروا بقلوبهم. وقيل : آمنوا ظاهرا عند النبيّ والمسلمين ، ثمّ إذا خلوا بالمشركين كفروا. وإنّما قال : (كَفَرُوا) لأنّهم جدّدوا الكفر بعد إظهار الإيمان. (فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ) ؛ أي : ختم عليها بسمة تميّز بها الملائكة بينهم وبين المؤمنين على الحقيقة. وقيل : لمّا ألفوا الكفر والفساد ولم يصغوا إلى الحقّ ، خلّاهم الله واختيارهم وخذلهم فصار ذلك طبعا على قلوبهم وهو ألفتهم إلى ما اعتادوه من الكفر. (لا يَفْقَهُونَ) : لا يعلمون ، من حيث إنّهم لا يتفكّرون حتّى يميّزوا بين الحقّ والباطل. (٣)
(ذلِكَ) ؛ أي : ذلك القول الشاهد عليهم بأنّهم أسوأ الناس أعمالا (بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا). (٤)
محمّد بن الفضيل عن الكاظم عليهالسلام قال : قلت له : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا)؟ قال : إنّ الله سمّى من لم يتّبع رسول الله في ولاية وصيّه منافقين ، وجعل من جحد إمامة وصيّه كمن جحد محمّدا. وأنزل بذلك قرآنا فقال : يا محمّد (إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ) بوصاية وصيّك (قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ) بولاية عليّ
__________________
(١) مجمع البيان ١٠ / ٤٣٩.
(٢) الكشّاف ٤ / ٥٣٨ ـ ٥٣٩.
(٣) مجمع البيان ١٠ / ٤٣٩.
(٤) الكشّاف ٤ / ٥٣٩.