الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٥))
(مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ). يعني اليهود حمّلوا التوراة ؛ أي : كلّفوا العمل بما فيها. (ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها) ؛ أي : لم يعملوا بها وبأحكامها. (كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً). لأنّ الحمار الذي يحمل كتب الحكمة على ظهره ، ولا يحسّ بما فيها. فمثل من يحفظ الكتاب ولا يعمل بموجبها ، كمثل من لا يعلم ما فيها. قال ابن عبّاس : من تلا القرآن ولم يفهم معناه وأعرض عنه إعراض من لا يحتاج إليه ، كان هذا المثل لاحقا به. (بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ) ؛ أي : بئس القوم قوم هذا مثلهم لأنّه سبحانه ذمّ مثلهم. (لا يَهْدِي) ؛ أي : لا يفعل بهم من الألطاف التي يفعلها بالمؤمنين. وقيل : لا يثيبهم ولا يهديهم إلى الجنّة. (١)
(مَثَلُ الَّذِينَ). شبّه اليهود في أنّهم حملة التوراة وقرّاؤها وحفّاظ ما فيها ثمّ إنّهم غير عاملين بها ولا منتفعين بآياتها ـ وذلك أنّ فيها نعت رسول الله والبشارة به ولم يؤمنوا به ـ بالحمار حمل أسفارا ، أي : كتابا كبارا من كتب العلم ، فهو يمشى بها ولم يدري ما فيها ولا يدري منها إلّا ما يمرّ منه بجنبيه وظهره من الكدّ والتعب. وكلّ من علم ولم يعمل بعلمه ، فهو مثله. (كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ). وهم اليهود كذّبوا بالآيات الدالّة على صحّة نبوّة محمّد صلىاللهعليهوآله. ومعنى (حُمِّلُوا التَّوْراةَ) : كلّفوا عملها. (ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها) ؛ أي : لم يعملوا بها فكأنّهم لم يحملوها. (٢)
[٦] (قُلْ يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٦))
(هادُوا) ؛ أي : سمّوا يهودا. (أَوْلِياءُ لِلَّهِ) ؛ أي : أنصاره. (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) أنّكم أبناء الله وأحبّاؤه. فإنّ الموت يوصلكم إليه. (٣)
قال : إنّ في التوراة مكتوبا : أولياء الله يتمنّون الموت. (٤)
__________________
(١) مجمع البيان ١٠ / ٤٣٠.
(٢) الكشّاف ٤ / ٥٣٠.
(٣) مجمع البيان ١٠ / ٤٣٣.
(٤) تفسير القمّيّ ٢ / ٣٦٦.