(أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ). إنّ رسول الله رآها بعد ما أنكحها إيّاه فوقعت في نفسه. فقال :
سبحان الله مقلّب القلوب. وذلك أنّ نفسه كانت تجفو عنها قبل ذلك لا تريدها ، ولو أرادتها لا ختطبها. وسمعت زينب بالتسبيحة فذكرتها لزيد. ففطن وألقى الله في نفسه كراهة صحبتها. فقال : أريد أن أفارق صاحبتي لأنّها تتعظّم عليّ لشرفها وتؤذيني. فقال له : (أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ). (١)
(قَضى) ؛ أي : قضى حاجته من نكاحها فطلّقها وانقضت عدّتها ولم يكن في قلبه ميل إليها ولا وحشة من فراقها ، أذنّا لك في تزويجها ، توسعة على المؤمنين حتّى لا يكون عليهم إثم أن يتزوّجوا أزواج أدعيائهم. (مَفْعُولاً) ؛ أي : كائنا لا محالة. وفي الحديث أنّ زينب كانت تفتخر على سائر نسائه وتقول : زوّجني الله من النبيّ وأنتنّ إنّما زوّجكنّ أولياؤكنّ. وقد أكثر الوليمة عليها. (٢)
[٣٨] (ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللهُ لَهُ سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً (٣٨))
(مِنْ حَرَجٍ) ؛ أي : إثم وضيق فيما فرض الله له من التزويج بامرأة الابن الدعيّ. (سُنَّةَ اللهِ) ؛ أي : كسنّة الله في الأنبياء الماضين وطريقته وشريعته فيهم في زوال الحرج عنهم وعن أممهم بما أحلّ الله لهم من ملاذّهم. وقيل : في كثرة الأزواج كما فعله داوود وسليمان. وكان لداوود مائة امرأة ولسليمان ثلاثمائة امرأة وسبعمائة سريّة. وقيل : أشار بالسنّة إلى أنّ النكاح من سنّة الأنبياء. (قَدَراً مَقْدُوراً) ؛ أي : كان ما ينزل الله على أنبيائه من الأمر الذي يريده قضاء مقضيّا. وقيل : إنّ القدر المقدور هو ما كان على مقدار ما تقدّم من غير زيادة ولا نقصان. (٣)
__________________
(١) الكشّاف ٣ / ٥٤٠.
(٢) مجمع البيان ٨ / ٥٦٥.
(٣) مجمع البيان ٨ / ٥٦٦.