(زَوْجَكَ). يعني زينب ، يقول : احبسها ولا تطلّقها. [وهذا الكلام يقتضي مشاجرة](١) جرت بين الزوجين حتّى وعظه رسول الله صلىاللهعليهوآله بقوله : أمسكها. (وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ). الذي أخفاه في نفسه هو أنّه إن طلّقها زيد تزوّجها وخشي عليهالسلام لائمة الناس أن يقولوا أمره بطلاقها ثمّ تزوّجها. وقيل : الذي أخفاه هو أنّ الله أعلمه أنّها ستكون من أزواجه وأنّ زيدا سيطلّقها. فلمّا جاء زيد وقال له : أريد أن أطلّق زينب ، قال : (أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ). فقال سبحانه : لم قلت : (أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ) وقد أعلمتك أنّها ستكون من أزواجك؟ وروي ذلك عن عليّ بن الحسين عليهماالسلام. وهذا التأويل مطابق لتلاوة الآية. وذلك أنّه سبحانه أعلمه أنّه يبدي ما أخفاه ولم يظهر غير التزويج فقال : (زَوَّجْناكَها). ولو كان الذي أضمره محبّتها أو إرادة طلاقها ، لأظهره الله ذلك مع وعده بأنّه يبديه. فدلّ ذلك على أنّه إنّما عوتب على قوله : (أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ) مع إعلامه بأنّها ستكون زوجته وكتمانه ما أعلم الله به حيث استحيا أن يقول لزيد : إنّ التي تحتك ستكون امرأتي. وقال البلخيّ : ويجوز أيضا على ما يقولون [أنّ] النبيّ استحسنها فتمنّى أن يفارقها زيد فيتزوّجها وكتم ذلك. لأنّ هذا التمنّي قد طبع عليه البشر ولا حرج على أحد في أن يتمنّى شيئا استحسنه. وقيل : إنّه أضمر أن يتزوّجها إن طلّقها زيد من حيث كانت ابنة عمّته فأراد ضمّها إلى نفسه لئلّا يصيبها ضيعة ؛ كما يفعل الرجل بأقاربه. عن الجبّائيّ قال : فأخبر الله الناس بما كان يضمره من إيثار ضمّها إلى نفسه ليكون ظاهره مطابقا لباطنه. وقيل : إنّ زينب كانت شريفة. فزوّجها رسول الله من زيد مولاه ولحقها بذلك بعض العار. فأراد عليهالسلام أن يزيدها شرفا بأن يتزوّجها. فعزم أن يتزوّج بها إذا فارقها زيد. وقيل : إنّ العرب كانوا ينزلون الأدعياء منزلة الأبناء في الحكم. فأراد عليهالسلام أن يبطل ذلك بالكلّيّة وينسخ سنّة الجاهليّة. وكان يخفي في نفسه تزويجها لهذا الغرض ، لئلّا يقول الناس إنّه تزوّج امرأة ابنه ويقرّفونه ما هو منزّه عنه ، ولهذا قال : (أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ). (٢)
__________________
(١) في النسخة : «المشاجرة» بدل ما بين المعقوفتين.
(٢) مجمع البيان ٨ / ٥٦٤ ـ ٥٦٥.