إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (٢٤))
(لِيَجْزِيَ اللهُ الصَّادِقِينَ) ؛ أي : صدق المؤمنون في عهودهم ليجزيهم الله بصدقهم. [(وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ) بنقض العهد (إِنْ شاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) إن تابوا. ويكون معناه] أنّه سبحانه إن شاء قبل توبتهم أو أسقط عقابهم وإن شاء لم يقبل توبتهم وعذّبهم. فإنّ إسقاط العذاب ـ على المذهب الصحيح ـ بالتوبة تفضّل من الله لا يجب عقلا وإنّما علمنا ذلك بالسمع والإجماع على أنّ الله سبحانه يفعل ذلك. فالآية قاضية بما يقتضيه العقل من الحكم. (١)
[٢٥] (وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ وَكانَ اللهُ قَوِيًّا عَزِيزاً (٢٥))
(الَّذِينَ كَفَرُوا). يعني الأحزاب ؛ أبا سفيان وجنوده وقبائل العرب. (بِغَيْظِهِمْ) ؛ أي : غمّهم الذي جاؤوا به. (لَمْ يَنالُوا خَيْراً) أملوه من الظفر بالنبيّ والمؤمنين. وإنّما سمّاه خيرا لأنّ ذلك كان خيرا عندهم. وقيل : أراد بالخير المال. (الْقِتالَ) ؛ أي : مباشرة القتال بما أنزل على المشركين من الريح الشديدة وبالملائكة وبما قذف من الرعب في قلوبهم. وقيل : بعليّ بن أبي طالب عليهالسلام وقتل عمرو بن عبدودّ. وكان ذلك سبب هزيمة القوم. عن أبي عبد الله عليهالسلام. (قَوِيًّا) : قادرا على ما يشاء. (عَزِيزاً) : لا يمتنع عليه شيء. (٢)
عن ابن مسعود أنّه كان يقرأ : وكفى الله المؤمنين القتال بعلي وكان الله قويا عزيزا». أقول : يعني به قتله لابن عبدودّ. (٣)
[٢٦] (وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً (٢٦))
__________________
(١) مجمع البيان ٨ / ٥٤٩ ـ ٥٥٠.
(٢) مجمع البيان ٨ / ٥٥٠.
(٣) تأويل الآيات ٢ / ٤٥١.