قوله : متقلدا سيفا ورمحا». أو حمل الثاني على الأوّل لما في العصمة من معنى المنع. (١)
[١٨] (قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلاَّ قَلِيلاً (١٨))
(الْمُعَوِّقِينَ). وهم الذين يعوّقون غيرهم عن الجهاد مع رسول الله صلىاللهعليهوآله ويثبّطونهم لينصرفوا عنه. وذلك بأنّهم قالوا لهم : ما محمّد وأصحابه إلّا أكلة رأس ولو كانوا لحما التهمهم أبو سفيان وهؤلاء الأحزاب. (وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ). يعني اليهود قالوا لإخوانهم المنافقين. (هَلُمَّ إِلَيْنا) ؛ أي : أقبلوا إلينا ودعوا محمّدا. وقيل : القائلون هم المنافقون قالوا لإخوانهم من ضعفة المسلمين : لا تحاربوا. فإنّا نخاف عليكم الهلاك. (الْبَأْسَ) ؛ أي : القتال. (إِلَّا قَلِيلاً). يخرجون رياء وسمعة قدر ما يوهمون أنّهم معكم. أو : لا يحضرون القتال إلّا كارهين تكون قلوبهم مع المشركين. (٢)
(هَلُمَّ إِلَيْنا). هي لغة أهل الحجاز ، يسوّون فيه بين الواحد والجماعة. وأمّا تميم فيقولون : هلمّوا يا رجال. ومعناه : قرّبوا أنفسكم إلينا. (إِلَّا قَلِيلاً) : إلّا إتيانا قليلا يخرجون مع المؤمنين يوهمونهم أنّهم معهم ولا تراهم يبارزون ويقاتلون إلّا شيئا قليلا إذا اضطرّوا إليه. (٣)
[١٩] (أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللهُ أَعْمالَهُمْ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً (١٩))
(أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ) : في وقت الحرب أضنّاء بكم يترفرفون عليكم كما يفعل الرجل بالذابّ عنه المناضل دونه عند الخوف. (يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ) في تلك الحالة كما ينظر المغشيّ عليه من معالجة سكرات الموت حذرا وخورا أو لواذا بك. فإذا ذهب الخوف وحيزت الغنائم
__________________
(١) الكشّاف ٣ / ٥٢٩.
(٢) مجمع البيان ٨ / ٤٦.
(٣) الكشّاف ٣ / ٥٣٠ ، وتفسير البيضاويّ ٢ / ٢٤٢.