المدينة ونخاف اليهود عليها. فأنزل الله فيهم : (إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ) إلى قوله : (يَسِيراً) ونزلت هذه الآية في الثاني لمّا قال لعبد الرّحمن بن عوف : هلمّ ندفع محمّدا إلى قريش ونلحق نحن بقومنا. (١)
[١٤] (وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطارِها ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْها وَما تَلَبَّثُوا بِها إِلاَّ يَسِيراً (١٤))
(وَلَوْ دُخِلَتْ). أي البيوت أو المدينة. (عَلَيْهِمْ) ؛ أي : لو دخل الأحزاب على الذين يقولون : (إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ) وهم المنافقون من أقطار المدينة ونواحي البيوت ، (ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ) ؛ أي : دعوا هؤلاء إلى الشرك ، لأشركوا. وهي الفتنة. (وَما تَلَبَّثُوا) ؛ أي : ما احتبسوا عن الإجابة إلى الكفر إلّا قليلا. وقيل : معناه : ولما أقاموا بالمدينة بعد إعطائهم الكفر إلّا قليلا حتّى يعاجلهم العذاب. (٢)
(ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْها). المعنى أنّهم يتعلّلون باعورار بيوتهم ليفرّوا عن نصرة المؤمنين وعن مصافّة الأحزاب الذين ملؤوهم رعبا. وهؤلاء الأحزاب كما هم لو دخلوا عليهم أرضهم وعرضوا عليهم الكفر وقيل لهم كونوا على المسلمين ، لسارعوا إليه وما تعلّلوا بشيء. وما ذاك إلّا لبغضهم الإسلام وأهله وحبّهم الكفر وحزبه. (٣)
(لَآتَوْها). الحجازيّان بالقصر بمعنى لجاؤوها وفعلوها. (وَما تَلَبَّثُوا بِها). أي : بالفتنة ، أو بإعطائها. (إِلَّا يَسِيراً) : حيثما [يكون] السؤال والجواب. وقيل : ما لبثوا بالمدينة بعد الارتداد إلّا يسيرا. (٤)
[١٥] (وَلَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الْأَدْبارَ وَكانَ عَهْدُ اللهِ مَسْؤُلاً (١٥))
(عاهَدُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ) ـ أي ليلة العقبة ـ أن يمنعوه ممّا يمنعون منه أنفسهم. وقيل : هم قوم
__________________
(١) تفسير القمّيّ ٢ / ١٨٨.
(٢) مجمع البيان ٨ / ٥٤٥.
(٣) الكشّاف ٣ / ٥٢٨.
(٤) تفسير البيضاويّ ٢ / ٢٤١.