نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ) بالعلم (مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ). وهو عرق يتفرّق في البدن يخالط الإنسان في جميع أعضائه. وقيل : هو عرق في الحلق. وقيل : في القلب. يعني : نحن أقرب إليه من قلبه. (١)
[١٧](إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ (١٧))
ثمّ ذكر سبحانه أنّه مع علمه به ، وكلّ به ملكين يحفظان عليه عمله إلزاما للحجّة فقال : (إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ). وهما الملكان يأخذان منه عمله فيكتبانه كما يكتب المملى عليه. (عَنِ الْيَمِينِ) ؛ أي : عن اليمين قعيد (وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ). وأراد بالقعيد هاهنا الملازم الذي لا يبرح لا ضدّ القائم. وقيل : عن اليمين كاتب الحسنات ، وعن الشمال كاتب السيّئات. وقيل : الحفظة أربعة ؛ ملكان بالنهار ، وملكان باللّيل. (٢)
(إِذْ يَتَلَقَّى). مقدّر باذكر. أو متعلّق بأقرب. أي : هو أعلم بحاله من كلّ قريب حين يتلقّى الحفيظان ما يتلفّظ به. وفيه إيذان بأنّه غنيّ عن استحفاظ الملكين فإنّه أعلم منهما ومطّلع على ما يخفى عليهما. (٣)
عنه صلىاللهعليهوآله أنّه سئل عن العبد كم معه ملك؟ فقال صلىاللهعليهوآله : ملك على يمينك يكتب حسناتك. وملك على شمالك يكتب السيّئات. وملكان بين يديك ومن خلفك. يقول الله : (لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ). (٤) وملك قابض على ناصيتك فإذا تواضعت لله رفعك وإذا تجبّرت لله فضحك. وملكان على شفتيك ليس يحفظان عليك إلّا الصلاة على محمّد. وملك قائم على فيك لا يدع أن تدبّ الحيّة في فيك. وملكان على عينيك. فهذه عشرة أملاك على كلّ آدم ملائكة اللّيل على ملائكة النهار لأنّ ملائكة اللّيل سوى ملائكة النهار. فهؤلاء عشرون. وإبليس بالنهار وولده باللّيل. قال الله : (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ). وقال : (إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ) ـ الآية. (٥)
__________________
(١) مجمع البيان ٩ / ٢١٦.
(٢) مجمع البيان ٩ / ٢١٦.
(٣) تفسير البيضاويّ ٢ / ٤٢٢.
(٤) الرعد (١٣) / ١١.
(٥) سعد السعود / ٢٢٥.