(وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ) : قوم شعيب. (وَقَوْمُ تُبَّعٍ) الحميريّ. (كُلٌّ) من هؤلاء المذكورين كذّب المبعوث إليهم ، فوجب عليهم عذابي الذي وعدتهم به فأنتم ـ معاشر العرب ـ مثلهم. (١)
[١٥] (أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ (١٥))
ثمّ قال سبحانه جوابا لقولهم : (ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ) : (أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ) حين خلقناهم من غير شيء؟ فكيف نعجز عن بعثهم وإعادتهم؟ وهذا تقرير لهم لأنّهم اعترفوا بأنّ الله هو الخالق ثمّ أنكروا البعث. (بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ) ؛ أي : في شكّ من البعث بعد الموت. (٢)
عن جابر بن يزيد قال : سألت أبا جعفر عليهالسلام عن قول الله : (أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ) ـ الآية. قال : تأويل ذلك ـ يا جابر ـ أنّ الله إذا أفنى هذا الخلق وهذا العالم وأسكن أهل الجنّة الجنّة وأهل النار النار ، جدّد الله عالما غير هذا العالم وجدّد خلقا من غير فحولة ولا إناث يعبدونه ويوحّدونه وخلق لهم أرضا غير هذا الأرض تحملهم وسماء غير هذه السماء تظلّهم. لعلّك ترى أنّ الله إنّما خلق هذا العالم الواحد وترى أنّ الله لم يخلق بشرا غيركم؟ بلى والله لقد خلق ألف ألف عالم وألف ألف آدم وأنت في أواخر تلك العوالم وأولئك الآدميّين. (٣)
(بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ) ؛ أي : هم لا ينكرون قدرتنا على الخلق الأوّل ، بل هم في خلط وشبهة في خلق مستأنف لما فيه من مخالفة العادة. (٤)
[١٦](وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (١٦))
(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ). المراد به الجنس يعني ابن آدم. (وَنَعْلَمُ) ما يحدّث به قلبه. (وَ
__________________
(١) مجمع البيان ٩ / ٢١٥.
(٢) مجمع البيان ٩ / ٢١٥ ـ ٢١٦.
(٣) التوحيد / ٢٧٧ ، ح ٢.
(٤) تفسير البيضاويّ ٢ / ٤٢١.