ـ الآية. محمّد مبتدأ ، ورسول الله عطف بيان ، والذين معه عطف على محمّد ، وأشدّاء خبر محمّد. وقيل : محمّد مبتدأ ، ورسول الله خبره ، والذين معه مبتدأ وما بعده خبر. (رُكَّعاً سُجَّداً). إخبار عن كثرة صلاتهم. (سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ) ؛ أي : علاماتهم يوم القيامة أن يكون مواضع سجودهم كالقمر ليلة البدر. وقيل : هو التراب على الجباه لأنّهم يسجدون على التراب لا على الأثواب. وقيل : هو الصفرة والنحول. قال الحسن : إذا رأيتهم [حسبتهم] مرضى وما هم بمرضى. (فِي التَّوْراةِ). يعني أنّ ما ذكر من وصفهم هو ما وصفوا به في التوراة. ثمّ ذكر نعتهم في الإنجيل : (كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ) ؛ أي : فراخه. وقيل : ليس بينهما وقف. أي : مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع. (فَآزَرَهُ) ؛ أي : أعانة وقوّاه. يعني أنّ هذه الأفراخ لحقت الأمّهات حتّى صارت مثلها. (فَاسْتَغْلَظَ) ؛ أي : غلظ. (عَلى سُوقِهِ) ؛ أي : قصبه وأصوله ، فاستوى الصغار مع الكبار. والسوق : جمع الساق. والمعنى أنّه تناهى وبلغ الغاية. ابن كثير : (شَطْأَهُ) بفتح الطاء ، والباقون بسكونها. وابن عامر : «فأزره» بقصر الهمزة ، والباقون بالمدّ. (كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ). قال الواحديّ : هذا مثل ضربه الله تعالى لمحمّد [وأصحابه. فالزرع محمّد] والشطء أصحابه والمؤمنون حوله. وكانوا في ضعف وقلّة كما يكون أوّل الزرع دقيقا [ثمّ غلظ] وقوي وتلاحق. وكذلك المؤمنون قوّى بعضهم بعضا حتّى استغلظوا واستووا على أمرهم. (لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ). وإنّما كثّرهم الله وقوّاهم ليكونوا غيظا للكافرين باتّفاقهم على الطاعة. (١)
(سِيماهُمْ). وهي السمة التي تحدث في جبهة السجّاد من كثرة السجود. (مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ) ؛ أي : من التأثير الذي يؤثّره السجود كما كان لعليّ بن الحسين عليهماالسلام. (ذلِكَ) الوصف (مَثَلُهُمْ) ؛ أي : وصفهم العجيب الشأن في الكتابين جميعا. ثمّ ابتدأ فقال : (كَزَرْعٍ). يريد : هم كزرع. وقيل : تمّ الكلام عند قوله : (ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ) ثمّ ابتدأ : (وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ). ويجوز أن يكون ذلك إشارة مبهمة أوضحت بقوله : (كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ).
__________________
(١) مجمع البيان ٩ / ١٩٢ و ١٨٩.