لتدخلنّ المسجد الحرام آمنين من العدوّ إن شاء الله. قيل : إن هنا بمعنى إذ. أي : إذ شاء الله حين أرى رسوله ذلك. (مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ) ؛ أي : محرمين يحلق بعضكم ويقصّر بعضكم. (فَعَلِمَ) من الصلاح في صلح الحديبيّة (ما لَمْ تَعْلَمُوا). وقيل : علم في تأخير دخول المسجد الحرام من الصلاح ما لم تعلموه أنتم وهو خروج المؤمنين من بينهم. (مِنْ دُونِ ذلِكَ) ؛ أي : قبل الدخول. (فَتْحاً قَرِيباً). يعني فتح خيبر. وقيل : يعني صلح الحديبيّة. وكذلك جرى الأمر في عمرة القضاء في السنة التالية للحديبيّة. وهي سنة سبع من الهجرة في ذي القعده ؛ وهو الشهر الذي صدّه فيه المشركون. فخرج النبيّ ودخل مكّة مع أصحابه معتمرين وأقاموا بمكّة ثلاثة أيّام ثمّ رجعوا إلى المدينة. (١)
[٢٨] (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً (٢٨))
(بِالْهُدى) ؛ أي : القرآن. أو : الدليل الواضح. (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ) ؛ أي : على جميع الأديان بالبراهين ، أو بالغلبة والقهر والانتشار في البلدان. وقيل : إنّ تمام ذلك عند خروج المهديّ عليهالسلام حتّى لا يبقى في الأرض دين سوى دين الإسلام. (شَهِيداً). أي بذلك. (٢)
[٢٩] (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً (٢٩))
(مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ). تمّ الكلام هاهنا ثمّ أثنى على المؤمنين فقال : (وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ)
__________________
(١) مجمع البيان ٩ / ١٩٠ ـ ١٩١.
(٢) مجمع البيان ٩ / ١٩١ ـ ١٩٢.