العمل فاجر العمل مؤمن النفس ، خبيث الفعل طيّب الروح والبدن. ولا يخرج وليّنا من الدنيا إلّا ونحن عنه راضون ، ويحشره الله على ما فيه من الذنوب مبيضّا وجهه لا خوف عليه ولا حزن. وذلك أنّه لا يخرج من الدنيا حتّى يصفّى من الذنوب إمّا بمصيبة في مال أو في نفس أو ولد أو مرض. وأدنى ما يصنع بوليّنا أن يريه الله رؤيا مهوّلة فيصبح حزينا لما رآه ، فيكون ذلك كفّارة [له] ، أو خوفا يرد عليه من أهل دولة الباطل ، أو يشدّ عليه عند الموت فيلقى الله طاهرا من الذنوب آمنة روعته بمحمّد وأمير المؤمنين. ثمّ يكون أمامه أحد الأمرين : الرحمة الواسعة ، أو شفاعة محمّد وأمير المؤمنين عليهماالسلام. فعندها تصيبه رحمة الله الواسعة وكان أحقّ بها وأهلها وله إحسانها وفضلها. (١)
(كَلِمَةَ التَّقْوى). عنه صلىاللهعليهوآله [عن الله تعالى] : انّ عليّا الكلمة التي ألزمتها المتّقين. (٢)
[٢٧] (لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً (٢٧))
(لَقَدْ صَدَقَ) ـ الآية. قالوا : إنّ الله أرى نبيّه في المنام قبل أن يخرج إلى الحديبيّة أنّ المسلمين دخلوا المسجد الحرام ، فأخبر بذلك أصحابه ففرحوا وحسبوا أنّهم يدخلون مكّة عامهم ذلك. فلمّا انصرفوا ولم يدخلوا مكّة ، قال المنافقون : ما حلقنا ولا قصّرنا ولا دخلنا المسجد الحرام! فأنزل الله هذه الآية وأخبر أنّه أرى رسوله الصدق في منامه وأنّهم يدخلونه. وأقسم على ذلك فقال : (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ). يعني العام المقبل. (إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ). استثناء فيما يعلم ليستثني الناس فيما لا يعلمون. وقيل : إنّ الاستثناء من الدخول. لأنّ منهم من علم الله أنّه يموت قبل السنة أو يمرض فلا يدخلها. فأدخل الاستثناء لئلّا يقع في الخبر خلف. وقيل : إنّ الاستثناء داخل في الخوف والأمن. فأمّا الدخول فلا شكّ فيه. أي :
__________________
(١) تأويل الآيات ٢ / ٥٩٤.
(٢) أمالي الصدوق / ٣٨٦ ، ح ٢٣.