ماء أبيض من الثلج وفي وسطه خمر أحسن من الياقوت. فما رأيت شيئا أحسن من [تلك] الخمر بين اللّبن والماء. فقلت : جعلت فداك ؛ ومن أين يخرج هذا ومجراه؟ قال : هذه العيون التي ذكرها الله في الجنّة : عين من ماء ، وعين من لبن ، وعين من خمر ، تجري في هذا النحر. ورأيت حافتيه عليهما شجر فيهنّ جوار معلّقات برؤوسهنّ ما رأيت شيئا أحسن منهنّ وبأيديهنّ آنية. فأومى بيده لنفسه. (١) فنظرت إليها وقد مالت لتغرف من النهر فمال الشجر معها فاغترفت وناولته فشرب. وأشار إليها فناولتني. فشربت ، فما رأيت شرابا ألذّ منه. فنظرت في الطاس وإذا فيها ثلاثة ألوان من الشراب. وقال لي : هذا ما أعدّه الله لشيعتنا بعد الموت. (٢)
[١٦] (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ما ذا قالَ آنِفاً أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ (١٦))
ثمّ بيّن حال المنافقين فقال : (وَمِنْهُمْ) ؛ أي : من الكفّار من يستمع إلى قرائتك ودعوتك وكلامك. (أُوتُوا الْعِلْمَ) من المؤمنين. عن عليّ عليهالسلام قال : إنّا كنّا عند رسول الله فيخبرنا بالوحي فأعيه أنا ومن يعيه. فإذا خرجنا قالوا : (ما ذا قالَ آنِفاً) ؛ أي : أيّ شيء قال الساعة؟ وإنّما قالوه استهزاء وإظهار أنّا لم نشتغل بوعيه وفهمه. وقيل : بل قالوا ذلك تحقيرا لقوله. أي لم يقل شيئا فيه فائدة. (طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ) ؛ أي : وسم قلوبهم بسمة الكفّار إذ خلّى بينهم وبين اختيارهم. (وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ) : شهوات نفوسهم وما مالت إليه طبائعهم دون ما قامت عليه الحجّة. في بعض الروايات عن ابن كثير : «أنفا» بالقصر. والمشهور المدّ. (٣)
(ما ذا قالَ آنِفاً) ؛ أي : يقولون لعلماء الصحابة : ماذا قال؟ استعلاما ؛ إذ لم يلقوا له آذانهم تهاونا به. (٤)
__________________
(١) المصدر : لتسقيه.
(٢) بصائر الدرجات / ٤٢٣ ـ ٤٢٤ ، ح ٣.
(٣) مجمع البيان ٩ / ١٥٤ و ١٥٣.
(٤) تفسير البيضاويّ ٢ / ٤٠٣.