على ما أنزل الله. فأصعب ما يكون على من حفظه اليوم ، لأنّه يخالف التأليف. (١)
[٣] (ذلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْباطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ لِلنَّاسِ أَمْثالَهُمْ (٣))
(ذلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ) ؛ أي : ذلك الإضلال والإصلاح باتّباع المشركين الشرك واتّباع المؤمنين التوحيد والقرآن. (كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ لِلنَّاسِ أَمْثالَهُمْ) ؛ أي : كالبيان الذي ذكرنا يبيّن الله سبحانه للناس أمثال حسنات المؤمنين وسيّئات الكافرين. وقيل : أراد به المثل المقرون به فجعل الكافر كمن دعاه الباطل إلى نفسه فأجابه والمؤمن كمن دعاه الحقّ إلى نفسه فأجابه. وقيل : معناه : كما بيّن عاقبة الكفّار والمؤمنين وجزاء كلّ منهما ، ضرب للناس أمثالا يستدلّون بها فيزيدهم علما ووعظا. وأضاف المثل إليهم لأنّه مجعول لهم. (٢)
[٤] (فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها ذلِكَ وَلَوْ يَشاءُ اللهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ (٤))
(الَّذِينَ كَفَرُوا). يعني أهل دار الحرب. (فَضَرْبَ الرِّقابِ) أي : فاضربوا رقابهم. (أَثْخَنْتُمُوهُمْ) ؛ أي : أثقلتموهم بالجراح وظفرتم بهم. وقيل : إذا بالغتم في قتلهم وأكثرتم القتل حتّى ضعفوا فأحكموا وثاقهم في الأسر. أمر سبحانه بكثرة قتلهم ليذلّوا ، فإذا ذلّوا بالقتل أسروا. فالأسر يكون بعد المبالغة في القتل. كما قال سبحانه : (ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ). (٣)(فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ) ؛ أي : تمنّون عليهم منّا بعد الأسر فتطلقوهم بغير عوض ، وإمّا أن تفدوهم فداء. واختلف في ذلك. فقيل : كان الأسر محرّما بآية الأنفال ، ثمّ أبيح بهذه الآية. لأنّ هذه السورة نزلت بعدها. فإذا أسر فالإمام مخيّر بين
__________________
(١) روضة الواعظين ٢ / ٢٦٥.
(٢) مجمع البيان ٩ / ١٤٦.
(٣) الأنفال (٨) / ٦٧.