أي : واذكر ـ يا محمّد ـ إذ وجّهنا إليك جماعة من الجنّ (يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ). أو : صرفناهم إليك من بلادهم بالتوفيق والألطاف حتّى أتوك. أو : صرفناهم عن استراق السمع من السماء برجوم الشهب ـ ولم يكونوا بعد عيسى قد صرفوا عنه ـ فقالوا : ما حدث هذا في السماء إلّا من أجل شيء قد حدث في الأرض. فضربوا في الأرض حتّى وقفوا على النبيّ ببطن نخلة عائدا إلى عكاظ وهو يصلّي الفجر. فاستمعوا القرآن ونظروا كيف يصلّي. (فَلَمَّا حَضَرُوهُ) ؛ أي : القرآن أو النبيّ ، قال بعضهم لبعض : اسكتوا لنستمع إلى قراءته. فلمّا فرغ من تلاوته ، انصرفوا إلى قومهم محذّرين إيّاهم عذاب الله إن لم يؤمنوا. (١)
(نَفَراً). النفر دون العشرة. وجمعه أنفار. (٢)
عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه أقبل إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله التسعة من أشرافهم ـ واحد من جنّ نصيبين والثمان من بني عمرو بن عامر ـ وهم الذين يقول الله فيهم : (وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ) وهم التسعة (يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ). فأقبل إليه الجنّ والنبيّ ببطن النخلة فاعتذروا بأنّهم ظنّوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا. ولقد أقبل إليه أحد وسبعون ألفا منهم فبايعوه على الصوم والصلاة والزكاة والحجّ والجهاد ونصح المسلمين ـ الحديث. (٣)
عن عمر بن يزيد قال : ضللنا سنة من السنين ـ ونحن في طريق مكّة ـ فأقمنا ثلاثة أيّام نطلب الطريق فلم نجده. فلمّا أن كان في اليوم الثالث وقد نفد ما كان عندنا من الماء ، عدنا إلى ما كان معنا من ثياب الإحرام ومن الحنوط فتحنّطنا وتكفّنّا بإزار إحرامنا. فقام رجل من أصحابنا فنادى : يا صالح ، يا أبا الحسين! فأجابه مجيب من بعد. فقلنا له : من أنت يرحمك الله؟ قال : أنا من النفر الذي قال الله عزوجل : (وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ) ـ الآية. ولم يبق منهم غيري. فأرشد الضالّ إلى الطريق. فلم نزل نتّبع الصوت حتّى خرجنا إلى الطريق. (٤)
[٣٠] (قالُوا يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي
__________________
(١) مجمع البيان ٩ / ١٣٩.
(٢) تفسير البيضاويّ ٢ / ٣٩٧.
(٣) الاحتجاج / ٢٢٢ ـ ٢٢٣.
(٤) المحاسن / ٣٧٩ ـ ٣٨٠ ، ح ١٥٨.