عن ذلك ، فلم يدر أحد ما هو. فقدم أبو الحسن موسى بن جعفر عليهماالسلام على المهديّ ، فسأله عن ذلك. فقال : هؤلاء أصحاب الأحقاف. وهم بقيّة من قوم عاد ساخت بهم منازلهم. (١)
[٢٥] (تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلاَّ مَساكِنُهُمْ كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (٢٥))
(تُدَمِّرُ) ؛ أي : تهلك كلّ شيء مرّت به من الناس والدوابّ والأموال. واعتزل هود [و] من آمن معه في حظيرة لم تصبهم من تلك الريح إلّا ما يلين على الجلود وتلتذّ به الأنفس. (كَذلِكَ) ؛ أي : مثل ما أهلكنا أهل الأحقاف نجزي الذين يسلكون مسلكهم. (٢)
عاصم وحمزة والكسائيّ : (لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ) بالياء المضمومة ورفع المساكن. والباقون بالتاء ونصب المساكن ، خطاب للنبيّ. أي : بحيث لو حضرت ديارهم لا ترى إلّا مساكنهم. (٣)
[٢٦] (وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصاراً وَأَفْئِدَةً فَما أَغْنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كانُوا يَجْحَدُونَ بِآياتِ اللهِ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٢٦))
ثمّ خوّف سبحانه كفّار مكّة وذكر فضل عاد بالأجساد والقوّة عليهم فقال : (وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ) ؛ أي : في الذي ما مكّنّاكم فيه ؛ أي : في الشيء الذي لم نمكّنكم فيه من القوّة في الأبدان وطول العمر وكثرة المال. وقيل : معناه : فيما مكّنّاكم فيه. وإن مزيدة. والمعنى : مكّنّاهم من الطاعات وجعلناهم متمكّنين بنصب الأدلّة على التوحيد. (وَجَعَلْنا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصاراً وَأَفْئِدَةً) فلم ينفعهم جميع ذلك. لأنّهم لم يعتبروا ولا استعملوا أبصارهم وأفئدتهم في النظر. (وَحاقَ بِهِمْ) ؛ أي : حلّ بهم جزاء (ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ). (٤)
__________________
(١) الخرائج ٢ / ٦٥٥ ، ح ٨.
(٢) مجمع البيان ٩ / ١٣٦ ـ ١٣٧.
(٣) تفسير البيضاويّ ٢ / ٣٩٧.
(٤) مجمع البيان ٩ / ١٣٨.