(فَلَمَّا رَأَوْهُ) ؛ أي : رأو ما يوعدون. [والهاء تعود إلى (بِما تَعِدُنا)] في قوله : (فَأْتِنا بِما تَعِدُنا) (عارِضاً) ؛ أي : سحابا يعرض من ناحية السماء ثمّ يطبق السماء. قالوا : كانت عاد قد حبس عنهم المطر أيّاما. فساق الله سبحانه إليهم سحابة سوداء خرجت من واد لهم. (فَلَمَّا رَأَوْهُ عارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قالُوا هذا) سحاب (مُمْطِرُنا). فقال هود : (بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ). وهو الذي وعدتكم وطلبتم تعجيله. ثمّ فسّره فقال : (رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ). وقيل : بل هو قول الله. (١)
قوم عاد كان نبيّهم هود عليهالسلام. وكان بلادهم كثيرة الخير خصبة. فحبس الله عنهم المطر سبع سنين حتّى أجدبوا وذهب خيرهم. وكان هود يأمرهم بالاستغفار. فلم يؤمنوا وعتوا. فأوحى الله إلى هود أنّهم يأتيهم العذاب في وقت كذا وكذا ريح فيها عذاب أليم. فنظروا إلى سحابة قد أقبلت ففرحوا (قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا) إلى قوله : (تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ). لفظه عامّ ومعناه خاصّ. لأنّها تركت أشياء كثيرة لم تدمّرها وإنّما دمّرت ما لهم كلّه. وكلّ هذه الأخبار من هلاك الأمم تخويف وتحذير لأمّة محمّد صلىاللهعليهوآله. حدّثني أبي قال : إنّ المعتصم أمر أن يحفر بالبطانية بئرا. فحفروا حتّى وضعوا في كلّ قامة بكرة حتّى انتهوا إلى صخرة فضربوها بالمعول ، فانكسرت فخرج منها ريح باردة فمات من كان بقربها. فأخبروا المتوكّل بذلك فلم يدر ما ذاك. فقالوا : سل ابن الرضا عليهماالسلام وهو أبو الحسن العسكريّ عليهالسلام. فكتب إليه يسأله عن ذلك. فقال عليهالسلام : تلك بلاد الأحقاف. وهم قوم عاد الذين أهلكهم الله بالريح الصرصر. (٢)
إنّ المهديّ الخليفة أمر أن يحفر بئر بقرب قبر العباديّ لعطش الحاجّ هناك. فحفروا أكثر من مائة قامة. فبيناهم يحفرون ، إذ خرقوا خرقا وإذا تحته هواء لا يدرى قعره وهو مظلمة وللريح فيه دويّ. فأدلوا رجلين. فلمّا خرجا تغيّرت ألوانهما. فقالا : رأينا هواء ورأينا بيوتا قائمة [و] رجالا ونساء وإبلا وبقرا وغنما. وكلّما مسسنا شيئا رأيناه هباء. فسأل الفقهاء
__________________
(١) مجمع البيان ٩ / ١٣٦.
(٢) تفسير القمّيّ ٢ / ٢٩٨ ـ ٢٩٩.