(سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا) ؛ أي : سيّئات كسبهم حين تعرض صحائفهم وكانت خافية عليهم. (١)
(حاقَ بِهِمْ) ؛ أي : أحاط بهم جزاؤه. (٢)
[٤٩] (فَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعانا ثُمَّ إِذا خَوَّلْناهُ نِعْمَةً مِنَّا قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٤٩))
(ضُرٌّ) ؛ أي : مرض وشدّة. (دَعانا) واستغاث بنا مخلصا في كشفه ، علما بأنّه لا يقدر غيرنا عليه. (خَوَّلْناهُ) ؛ أي : أعطيناه. (نِعْمَةً) من الصحّة في الجسم والسعة في الرزق ونحو ذلك. (عَلى عِلْمٍ) ؛ أي : بعلمي وجلدي وحيلتي. فيكون هذا إشارة إلى جهلهم بمواضع المنافع والمضارّ. أو معناه : على خير علمه الله عندي. (بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ) ؛ أي : ليس الأمر على ما يقولونه ، بل هي فتنة ؛ أي : بليّة يبتليه بها فينظر كيف شكره أو صبره في مقابلتها فيجازيه بحسبها. وقيل : معناه : هذه المقالة التي قالوها فتنة لهم ، لأنّهم يعاقبون عليها. (لا يَعْلَمُونَ) البلوى من النعمى. أو : لا يعلمون أنّ النعم كلّها من الله وإن حصل بأسباب من جهة العبد. (٣)
(عَلى عِلْمٍ) ؛ أي : علم منّي أنّي سأعطاه لما فيّ من فضل واستحقاق. أو : على علم من الله بي وباستحقاقي. أو : على علم منّي بوجوه الكسب. كما قال قارون : (عَلى عِلْمٍ عِنْدِي). (٤) وضمير أوتيته للنعمة ، لأنّ المعنى : شيئا من النعمة وقسما. ويحتمل أن يكون ما في (إِنَّما) موصولة فيرجع إليه الضمير. (فَإِذا مَسَّ). فإن قلت : ما السبب في عطف هذه الآية بالفاء وعطف مثلها في أوّل السورة بالواو؟ قلت : السبب في ذلك أنّ هذه وقعت مسبّبة عن قوله : (وَإِذا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ) على معنى أنّهم يشمئزّون عن ذكر الله ويستبشرون بذكر الآلهة ، فإذا مسّ أحدهم ضرّ دعا من اشمأزّ من ذكره دون من استبشر بذكره. وما بينهما من
__________________
(١) الكشّاف ٤ / ١٣٣.
(٢) تفسير البيضاويّ ٢ / ٣٢٨.
(٣) مجمع البيان ٨ / ٧٨٣.
(٤) القصص (٢٨) / ٧٨.