هي نفس الحياة. (فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا) ؛ أي : يمسكها إلى يوم القيامة ولا تعود إلى الدنيا. (وَيُرْسِلُ الْأُخْرى) التي لم يقض على موتها. يريد نفس النائم. (إِلى أَجَلٍ) قد سمّي لموته. (لَآياتٍ) ؛ أي : دلالات واضحات على توحيد الله. (لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) في الأدلّة. إذ لا يقدر على قبض النفوس تارة بالنوم وتارة بالموت غير الله. قال ابن عبّاس : في ابن آدم نفس وروح بينهما مثل شعاع الشمس. فالنفس التي بها العقل والتمييز. والروح التي بها النفس والتحرّك. فإذا نام ، قبض الله نفسه ولم يقبض روحه. فإذا مات ، قبض الله نفسه وروحه. ويؤيّده ما روي عن أبي جعفر عليهالسلام : ما من أحد ينام إلّا عرجت نفسه إلى السماء وبقيت روحه في بدنه وصار بينهما سبب كشعاع الشمس. فإذا أذن الله تعالى في قبض الأرواح ، أجابت الروح النفس. وإذا أذن الله في ردّ الروح ، أجابت النفس الروح. وهو قوله : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها). فمهما رأت فى ملكوت السموات ، فهو ممّا له [تأويل]. وما رأت فيما بين السماء والأرض ، فهو ممّا يخيّله الشيطان ولا تأويل له. (١)
(وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ) ؛ أي : يتوفّى الأنفس التي لم تمت في منامها ؛ أي : يتوفّاها حين تنام ، تشبيها للنائمين بالموتى. ومنه قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ)(٢) حيث لا يميّزون ولا يتصرّفون كما أنّ الموتى كذلك. (وَيُرْسِلُ الْأُخْرى) ؛ أي : النائمة. (فِي ذلِكَ) ؛ أي : في توفّي الأنفس مائتة ونائمة وإمساكها وإرسالها إلى أجل (لَآياتٍ) على قدرة الله وعلمه. (٣)
[٤٣] (أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ شُفَعاءَ قُلْ أَوَلَوْ كانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ (٤٣))
(أَمِ اتَّخَذُوا) ؛ أي : بل اتّخذوا (مِنْ دُونِ اللهِ) آلهة (شُفَعاءَ قُلْ) يا محمّد (أَوَلَوْ كانُوا) يعني الآلهة (لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً) من الشفاعة (وَلا يَعْقِلُونَ). وجواب هذا الاستفهام محذوف. أي : أو لو كانوا بهذه الصفة يتّخذونهم شفعاء ويعبدونهم راجين شفاعتهم؟ (٤)
__________________
(١) مجمع البيان ٨ / ٧٨١.
(٢) الأنعام (٦) / ٦٠.
(٣) الكشّاف ٤ / ١٣١.
(٤) مجمع البيان ٨ / ٧٨١.