زيادات الهدى ، فقد ارتفع عن تأثير الوسواس. (١)
[٣٨] (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ أَرادَنِيَ اللهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ (٣٨))
(لَيَقُولُنَّ اللهُ). لأنّهم مع عبادتهم الأوثان يقرّون بذلك. ثمّ احتجّ عليهم بأنّ ما يعبدونه من دون الله لا يملك كشف الضرّ والسوء عنهم. (بِضُرٍّ) ؛ أي : بمرض أو فقر أو بلاء أو شدّة ، هل يكشفنّ ضرّه؟ (بِرَحْمَةٍ) ؛ أي : بخير وصحّة. والمعنى : انّ من عجز عن النفع والضرّ وكشف السوء عمّن يتقرّب إليه ، كيف يحسن منه عبادته؟ وإنّما تحسن العبادة لمن قدر على جميع ذلك وهو الله تعالى. (٢)
أهل البصرة : (كاشِفاتُ) و (مُمْسِكاتُ) بالتنوين وما بعدهما منصوبان. والباقون بغير تنوين على إضافة كلّ واحد منهما إلى بعده. (٣)
(أَوْ أَرادَنِي). فإن قلت : لم فرض المسألة في نفسه دونهم؟ قلت : لأنّهم خوّفوه من الأوثان ، فأمر بأن يقرّرهم أوّلا بأنّ خالق العالم هو الله وحده ثمّ يقول لهم بعد التقرير : فإذا أرادني خالق العالم الذي أقررتم به بضرّ من مرض أو نحوه ، أو برحمة كالصحّة والغنى ، هل هؤلاء اللّاتي خوّفتموني إيّاهنّ كاشفات عنّي ضرّه أو ممسكات رحمته؟ حتّى إذا قطعهم حتّى لا يحيروا ببنت شفة قال : (حَسْبِيَ اللهُ) كافيا لمعرّة أوثانكم. (عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ). وفيه تهكّم. فإن قلت : لم قيل : (مُمْسِكاتُ) و (كاشِفاتُ) على التأنيث بعد قوله : (يُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ)؟ قلت : أنّثهنّ ـ وكنّ إناثا وهنّ اللّات والعزّى ومناة ـ ليعجّزها زيادة تعجيز. لأنّ الأنوثة من باب اللّين والرخاوة كما أنّ الذكورة من باب الشدّة والصلابة. (٤)
__________________
(١) مجمع البيان ٨ / ٧٧٨ ـ ٧٧٩.
(٢) مجمع البيان ٨ / ٧٧٩.
(٣) مجمع البيان ٨ / ٧٧٨.
(٤) الكشّاف ٤ / ١٢٩ ـ ١٣٠.