يَسْتَوِيانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٢٩))
(ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً). ضربه للكافر وعبادته الأصنام. (مُتَشاكِسُونَ) ؛ أي : مختلفون منازعون. وإنّما ضرب هذا المثل لسائر المشركين ، ولكنّه ذكر رجلا واحدا وصفه بصفة موجودة في سائر المشركين ، فيكون المثل المضروب له مضروبا لهم جميعا. وقوله : (فِيهِ شُرَكاءُ) ؛ أي : يعبد آلهة مختلفة وأصناما كثيرة وهم متشاجرون متعاسرون هذا يأمره وهذا ينهاه ويريد كلّ واحد منهم أن يفرده بالخدمة ، ثمّ يكل كلّ منهم أمره إلى آخر ويكل الآخر إلى آخر فيبقى هو خاليا عن المنافع. وهذا حال من يخدم جماعة مختلفة الآراء والأهواء. هذا مثل الكافر. ثمّ ضرب مثل المؤمن الموحّد فقال : (وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ) ؛ أي : خالصا يعبد مالكا واحدا لا يشوب بخدمته خدمة غيره. ومن كان بهذه الصفة ، نال ثمرة خدمته ، لا سيّما إذا كان المخدوم حكيما قادرا كريما. ابن كثير وأهل البصرة : سالما» بالألف. عن عليّ عليهالسلام : أنا ذلك الرجل السلم لرسول الله صلىاللهعليهوآله. (هَلْ يَسْتَوِيانِ) ؛ أي : هل يستوي هذان الرجلان صفة وشبها في حسن العاقبة وحصول المنفعة. أي : لا يستويان. فإنّ الخالص لمالك واحد يستحقّ من معونته ما لا يستحقّ صاحب الشركاء المختلفين في أمره. ثمّ قال : (الْحَمْدُ لِلَّهِ) ؛ أي : احمدوا الله المستحقّ للشكر على هذا المثل الذي علّمكموه وأوضح الدلالة. أو : احمدوا الله حيث لطف بكم حتّى عبدتموه وأخلصتم له الإيمان ، فهي النعمة السابغة. (١)
(ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً) ؛ أي : هذا مثل ضربه الله لأمير المؤمنين وشركائه الذين ظلموه وغصبوه حقّه. (مُتَشاكِسُونَ) ؛ أي : متباغضون. وقوله : (رَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ). أمير المؤمنين سلم لرسول الله. (٢)
(هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً) ؛ أي : صفة وحالا. ونصبه على التمييز ولذلك وحّده. (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) فيشركون به غيره من فرط جهلهم. (٣)
__________________
(١) مجمع البيان ٨ / ٧٧٥ ـ ٧٧٦ و ٧٧٤.
(٢) تفسير القمّيّ ٢ / ٢٤٨ ـ ٢٤٩.
(٣) تفسير البيضاويّ ٢ / ٣٢٥.