(مِنَ الْمُسَبِّحِينَ) ؛ أي : المصلّين في حال الرخاء ، فنجّاه الله عند البلاء. وقيل : كان تسبيحه أنّه يقول : لا إله إلّا أنت. سبحانك إنّي كنت من الظالمين. وقيل : من المنزّهين لله عمّا لا يليق [به]. (لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ) ؛ أي : لصار بطن الحوت قبرا له إلى يوم القيامة. (١)
[١٤٥ ـ ١٤٦] (فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَهُوَ سَقِيمٌ (١٤٥) وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ (١٤٦))
(بِالْعَراءِ) : المكان الخالي لا شجر فيه ولا شيء يغطّيه. (وَهُوَ سَقِيمٌ). اعتلّ بما حلّ به. وروي أنّ بدنه صار كبدن الصبيّ حين يولد. (٢)
اليقطين ؛ قيل : هو الدباء ، لئلّا يجتمع عنده الذباب. وكان يستظلّ بالشجرة. وكانت وعلة تختلف إليه يشرب من لبنها. وروي أنّه مرّ زمان على الشجر فيبست ، فبكى جزعا. فأوحي إليه : بكيت على شجرة ولا تبكي على مائة ألف في يد الكافر؟ (٣)
عن الرضا عليهالسلام : انّ يونس لمّا أمره الله فأعلم قومه فأظلّهم العذاب ، ففرّقوا بينهم وبين أولادهم وبين البهائم وأولادها ، ثمّ عجّوا إلى الله وضجّوا ، فكفّ الله عنهم العذاب. فذهب يونس مغضبا فالتقمه الحوت فطاف به سبعة في البحر. وبقي في بطن الحوت ثلاثة أيّام ، ثمّ لفظه الحوت وقد ذهب شعره وجلده. فأنبت الله عليه شجرة من يقطين. فلمّا قوي ، أخذت في اليبس. فقال : يا ربّ شجرة أظلّتني يبست. فأوحى الله إليه : يا يونس ، تجزع على شجرة أظلّتك ولا تجزع على مائة ألف أو يزيدون من العذاب؟ (٤)
[١٤٧ ـ ١٤٨] (وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (١٤٧) فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ (١٤٨))
(وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ). المراد ما سبق من إرساله إلى قومه وهم أهل نينوى. وقيل : هو إرسال ثان بعد ما جرى عليه إلى الأوّلين أو إلى غيرهم. (أَوْ يَزِيدُونَ) في مرأى الناظر ؛ أي : إذا رآها الرائي قال : هي مائة ألف أو أكثر. والغرض الوصف بالكثرة. (إِلى حِينٍ) ؛ أي :
__________________
(١) مجمع البيان ٨ / ٧١٦.
(٢) مجمع البيان ٨ / ٧١٦.
(٣) الكشّاف ٤ / ٦٢.
(٤) تفسير العيّاشيّ ٢ / ١٣٧ ، ح ٤٧.