لا تخدشنّ له جلدا. (وَهُوَ مُلِيمٌ) ؛ أي : مستحقّ للّوم ـ لوم العتاب لا لوم العقاب ـ على خروجه من بين قومه من غير أمر ربّه. وعندنا أنّ ذلك وقع منه تركا للأولى وقد يلام الإنسان على ترك المندوب. وقد لبث في بطن الحوت ثلاثة أيّام. وقيل : سبعة. وقيل : عشرين. وقيل : أربعين. (١)
عن أبي حمزة الثماليّ أنّه دخل عبد الله بن عمر على زين العابدين عليهالسلام فقال له : يابن الحسين ، أنت الذي تقول إنّ يونس بن متّى إنّما لقي من الحوت ما لقي لأنّه عرضت عليه ولاية جدّي فتوقّف عليها؟ قال : بلى ثكلتك أمّك! قال : فأرني آية ذلك إن كنت من الصادقين. فأمر بشدّ عينيه بعصابة وعينيّ بعصابة. ثمّ أمر بعد ساعة بفتح أعيننا ، فإذا نحن على شاطىء البحر تضرب أمواجه. فقال ابن عمر : دمي في رقبتك! الله الله في نفسي! ثمّ قال : أيّها الحوت. فأطلع الحوت رأسه من البحر مثل الجبل العظيم وهو يقول : لبّيك لبّيك يا وليّ الله. قال : من أنت؟ قال : حوت يونس يا سيّدي. قال : ايتنا بالخبر. قال : يا سيّدي ، إنّه تعالى لم يبعث نبيّا من آدم إلى أن صار جدّك محمّد إلّا وعرض عليه ولاية أهل البيت. فمن قبلها من الأنبياء ، سلم وتخلّص. ومن توقّف ، لقي ما لقي آدم من المصيبة وما لقي نوح من الغرق وإبراهيم من النار ويوسف من الجبّ وأيّوب من البلاء وداوود من الخطيئة ، إلى أن بعث الله يونس فأوحى الله إليه : تولّ أمير المؤمنين عليّا والأئمّة الراشدين من صلبه. قال : فكيف أتولّى من لم أره ولم أعرفه؟ وذهب مغاضبا. فأوحى الله تعالى إليّ أن التقمي يونس. فمكث في بطني أربعين صباحا ينادي أن لا إله إلّا أنت ـ الآية. قد قبلت ولاية عليّ بن أبي طالب والأئمّة الراشدين من ولده. فلمّا أن آمن بولايتكم ، أمرني ربّي فقذفته على ساحل البحر. فقال عليهالسلام : ارجع أيّها الحوت إلى وكرك. فرجع واستوى الماء. (٢)
[١٤٣ ـ ١٤٤] (فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (١٤٣) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (١٤٤))
__________________
(١) مجمع البيان ٨ / ٧١٥ ـ ٧١٦.
(٢) مناقب آل أبي طالب ٤ / ١٣٨ ـ ١٣٩.