أبي جعفر وأبي عبد الله عليهماالسلام : والله ما كان سقيما وما كذب يمكن حمله على أحد هذه الوجوه التي ذكرناها ، ويمكن أن يكون المراد أنّ كلّ من كتب عليه الموت فهو سقيم وإن لم يكن به الآن سقم. (١)
(فَنَظَرَ نَظْرَةً) ؛ أي : رأى مواقعها واتّصالاتها ، أو في علمها أو كتابها ، ولا منع عنه. مع أنّ قصده إيهامهم ذلك حين سألوه أن يعيّد معهم. (إِنِّي سَقِيمٌ). أراهم بأنّه استدلّ بها على أنّه مشارف للسقم لئلّا يخرجوه إلى معبدهم. فإنّه كان أغلب أسقامهم الطاعون وكانوا يخافون العدو. أو أراد : إنّي سقيم القلب لكفركم ، أو خارج المزاج عن الاعتدال خروجا قلّ من يخلو منه ، أو بصدد الموت. ومنه : كفى بالسلامة [داء ، وقول لبيد :
فدعوت ربّي بالسلامة] جاهدا |
|
ليصحّني فإذا السلامة داء (٢) |
وفي معاني الأخبار عن أبي عبد الله عليهالسلام في قوله : (إِنِّي سَقِيمٌ) قال : يعني سقيما في دينه مرتادا. (٣)
وقد روي أنّه عنى أنّي سأسقم. وكلّ ميّت سقيم. (٤)
وفي الكافي عنه عليهالسلام في قوله : (فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ) قال : حسب فرأى ما يحلّ بالحسين عليهالسلام فقال : إنّي سقيم لما يحلّ به. (٥)
أقول : الأخبار الواردة في النهي عن النظر في علم النجوم مستفيضة. وربما حملها بعضهم ـ كابن طاووس ـ على من يعتقد في الكواكب كونها مؤثّرة لا أنّها علامات كالنبض على الحمّى. وفيه بعد لمكان عموم الأخبار وإطلاقها. وربما كان الوجه فيه ـ كما قال العالم الربّانيّ ميثم البحرانيّ ـ إمّا اشتغال متعلّمها بها واعتماد كثير من الخلق في أمورهم على الكواكب وترك الفزع إليه سبحانه ، أو لئلّا يظنّ بهم عوامّ الناس الاطّلاع على الغيب لمكان إخباراتهم.
__________________
(١) مجمع البيان ٨ / ٧٠٢ ـ ٧٠٣.
(٢) تفسير البيضاويّ ٢ / ٢٩٧.
(٣) معاني الأخبار / ٢٠٩ ـ ٢١٠.
(٤) بحار الأنوار ١١ / ٧٦.
(٥) الكافي ١ / ٤٦٥ ، ح ٥.