أن يقررّ أنّهم على الباطل في شركهم ومبنى أمرهم على الإفك. (١)
الإفك : أشنع الكذب. وإنّما قال : (آلِهَةً) بناء على اعتقادهم الفاسد في إلهيّة الأصنام. (تُرِيدُونَ) ؛ يعني : تريدون عبادة آلهة دون عبادة الله تعالى. (٢)
[٨٧] (فَما ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ (٨٧))
(فَما ظَنُّكُمْ) ؛ أي : ما تطنّون بربّكم انّه على أيّ صفة ومن أيّ جنس حتّى شبّهتم به هذه الأصنام؟ (٣)
(فَما ظَنُّكُمْ) بمن هو حقيق بالعبادة لكونه ربّا للعالمين حتّى تركتم عبادته وأشركتم به غيره أو أمنتم من عذابه؟ والمعنى إنكار ما يوجب ظنّا فضلا عن قطع يصدّ عن عبادته أو يجوّز الإشراك به أو يقتضي الأمن من عقابه على طريقة الالتزام. وهو كالحجّة على ما قبله. (٤)
[٨٨ ـ ٨٩] (فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ (٨٨) فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ (٨٩))
(فَنَظَرَ نَظْرَةً). فيه أقوال. أحدها : انّه نظر في النجوم فاستدلّ بها على وقت حمّى تعتاده وزمان نوبتها. فكأنّه قال : سأسقم لا محالة. ولم يكن نظره في النجوم على حسب ما ينظره المنجّمون طلبا للأحكام. وثانيها : انّه نظر في النجوم كنظرهم لأنّهم كانوا يتعاطون علم النجوم فأوهمهم أنّه يقول بمثل مقالتهم. فتركوه ظنّا منهم أنّ نجمه يدلّ على سقمه. ويجوز أن يكون أعلمه الله أنّه سيسقمه في وقت مستقبل وجعل العلامة على ذلك طلوع نجم مخصوص ، فلمّا رأى تلك الأمارة قال : (إِنِّي سَقِيمٌ) تصديقا بما أخبره الله. وثالثها : انّه سقيم القلب والرأي حيرانا من إصرار القوم على عبادة الأصنام. ومعنى نظره في النجوم فكرته في أنّها محدثة مخلوقة وتعجّبه كيف ذهب على العقلاء ذلك حتّى عبدوها. وما روي عن
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ٢ / ٢٩٧.
(٢) مجمع البيان ٨ / ٧٠١.
(٣) تفسير البيضاويّ ٢ / ٢٩٧.
(٤) تفسير البيضاويّ ٢ / ٢٩٧.