بإعطاء من حرمه الله؟ (إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ). هذا من قول الكفّار لمن أمرهم بالإطعام. وقيل : من قول الله حين ردّوا هذا بالجواب. (١)
(أَنُطْعِمُ). كانت الزنادقة منهم يسمعون المؤمنين يعلّقون أفعال الله بمشيّته فيقولون : لو شاء الله لأغنى فلانا ونحو ذلك ، فأخرجوا هذا الجواب مجرى الاستهزاء بالمؤمنين وبما كانوا يقولونه من تعليق الأمور بمشيّة الله. ومعناه : أنطعم المقول فيه هذا القول بينكم؟ وذلك أنّهم كانوا دافعين أن يكون الغنى والفقر من الله لأنّهم معطّلة لا يؤمنون بالصانع. (٢)
[٤٨ ـ ٤٩] (وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٤٨) ما يَنْظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ (٤٩))
(مَتى هذَا الْوَعْدُ) الذي تعدنا به من نزول العذاب؟ وهذا استهزاء منهم بخبر النبيّ صلىاللهعليهوآله وأصحابه. فقال الله : (ما يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً). يعني النفخة الأولى. يعني أنّ القيامة تأخذهم بغتة. (يَخِصِّمُونَ) ؛ أي : يختصمون في أمورهم ويتبايعون في الأسواق. وفي الحديث : تقوم الساعة والرجلان قد نشرا ثوبهما يتبايعانه فما يطويانه حتّى تقوم والرجل يرفع آكلته إلى فيه فما تصل إلى فيه حتّى تقوم. ابن كثير : (يَخِصِّمُونَ) بفتح الياء والخاء وتشديد الصاد. وأبو عمرو بفتح الخاء أيضا إلّا أنّه يشمّه الفتح ولا يشبعه. وأهل المدينة ساكنة الخاء مشدّدة الصاد. وحمزة ساكنة الخاء خفيفة الصاد. والباقون بفتح الياء وكسر الخاء وتشديد الصاد. (٣)
(يَخِصِّمُونَ). أصله : يختصمون. قلبت التاء صادا وأدغمت ، ثمّ كسرت الخاء لالتقاء الساكنين. وروى أبو بكر بكسر الياء للإتباع ، وابن كثير بفتح الخاء على إلقاء حركة التاء إليه. وعن نافع الفتح فيه والإسكان. وكأنّه جوّز الجمع بين الساكنين إذا كان الثاني
__________________
(١) مجمع البيان ٨ / ٦٦٧.
(٢) الكشّاف ٣ / ١٩.
(٣) مجمع البيان ٨ / ٦٦٧ ـ ٦٦٨ و ٦٦٥.