(فَهُمْ مُقْمَحُونَ) في نار جهنّم عقوبة لهم. (١)
(لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ). أقسم سبحانه مرّة أخرى. أي : لقد وجب الوعيد واستحقاق العقاب على أكثرهم لعدم الإيمان. أو : لقد سبق القول عليهم بعدم الإيمان ، لأنّه سبحانه أخبر ملائكته بأنّ أكثرهم لا يؤمنون فحقّ قوله عليهم. (٢)
(لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ). يعني قوله : (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ)(٣). (٤)
[٨] (إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالاً فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ (٨))
(إِنَّا جَعَلْنا). قيل : نزل في أبي جهل. كان حلف لئن رأى محمّدا يصلّي ليرضخنّ رأسه. فأتاه وهو يصلّى ومعه حجر ليدمغه. فلمّا رفعه انثنت يده إلى عنقه ولزق الحجر بيده. فلمّا عاد إلى أصحابه وأخبرهم بما رأى ، سقط الحجر من يده. فقال آخر : أنا أقتله بهذا الحجر. فأتاه وهو يصلّي ليرميه بالحجر. فأغشى الله بصره فجعل يسمع صوته ولا يراه. فرجع إلى أصحابه فلم يرهم حتّى نادوه فقالوا له : ما صنعت؟ فقال : ما رأيته ولكن سمعت صوته. وحال بيني وبينه كهيئة الفحل لو دنوت منه لأكلني. وعن ابن عبّاس : انّ قريشا اجتمعت فقالت : إن دخل محمّد لنقومنّ إليه قيام رجل واحد. فدخل النبيّ فجعل الله من بين أيديهم سدّا ومن خلفهم سدّا فلم يبصروه. فصلّى وأتاهم فجعل ينثر على رؤوسهم التراب وهم لا يرونه. فلمّا خلّى عنهم ، رأوا التراب فقالوا : سحركم ابن أبي كبشة. (فِي أَعْناقِهِمْ). يعني أيديهم. [كنى عنها وإن لم يذكرها] لأنّ الأغلال والأعناق يدلّان عليها. لأنّ الغلّ إنّما يجمع اليد إلى الذقن والعنق. واختلف في معنى الآية. فقيل : إنّ الآية مثل. أي : مثل هؤلاء الكفّار في إعراضهم عمّا تدعوهم إليه ، كمثل رجل غلّت يداه إلى عنقه لا يمكنه أن يبسطهما إلى خير ورجل طامح برأسه لا يبصر موطأ قدميه. أو : كأنّ هذا القرآن أغلال في أعناقهم يمنعهم من الخضوع لاستماعه وتدبّره لثقله عليهم. لأنّهم استكبروا عنه وشأن المستكبر أن يرفع
__________________
(١) تأويل الآيات ٢ / ٤٨٦ ـ ٤٨٧.
(٢) مجمع البيان ٨ / ٦٥٠ ـ ٦٥١.
(٣) هود (١١) / ١١٩.
(٤) تفسير البيضاويّ ٢ / ٢٧٨.