رأسه ولا ينظر إلى الأرض مثل من غلّ عنقه إلى يديه. أو : كان المراد به ناس من قريش كما تقدّم. أو : يكون المراد وصف حالهم يوم القيامة. فهو مثل (إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ). (١)(مُقْمَحُونَ) ؛ أي : مرفوعو الرأس لرفع الأغلال إيّاها. (٢)
(مُقْمَحُونَ) : رافعون رؤوسهم لا يعطفون أعناقهم نحو الحقّ ولا يطأطئون رؤوسهم له. (٣)
[٩] (وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ (٩))
(مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا). تشبيه لهم بمن هذه صفته في إعراضهم عن الإيمان. وذلك عبارة عن خذلان الله إيّاهم لمّا كفروا ، فهم في خذلان كمن بين أيديهم سدّا. وإذا قلنا إنّه وصف حالهم في الآخرة ، فالكلام على حقيقته ويكون عبارة عن ضيق المكان في النار بحيث لا يجدون متقدّما ولا متأخرّا لمكان السدّ. وإن حملناه على صفة القوم الذين همّوا بقتل النبيّ ، فالمعنى : جعلنا من بين أيديهم منعا ومن خلفهم منعا حتّى لا يبصروا النبيّ. لأنّ أبا جهل كان إذا خرج باللّيل لقتله لا يراه. (فَأَغْشَيْناهُمْ) ؛ أي : فأعميناهم عن الهدى. أو : فأغشيناهم في العذاب فهم لا يبصرون في النار. (٤)
(سَدًّا). بالفتح والضمّ بمعنى. وقيل : ما يفعل الله بالضمّ وما يفعله الناس بالفتح. حمزة والكسائيّ بالفتح في الموضعين ، والباقون بالضم. (٥)
[١٠] (وَسَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (١٠))
[١١] (إِنَّما تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ (١١))
(مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ) ؛ أي : إنّما ينتفع بإنذارك من اتّبع القرآن. (بِالْغَيْبِ) ؛ أي : في حال غيبته
__________________
(١) غافر (٤٠) / ٧١.
(٢) مجمع البيان ٨ / ٦٤٩ ـ ٦٥١.
(٣) تفسير البيضاويّ ٢ / ٢٧٨.
(٤) مجمع البيان ٨ / ٦٥١ ـ ٦٥٢.
(٥) تفسير البيضاويّ ٢ / ٢٧٨.