رأيتم منه ما ينافي النبوّة من كذب أو اختلاف في القول والفعل فيدلّ على الجنون؟ (إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ) ؛ أي : مخوّف لكم من معاصي الله بين يدي عذاب القيامة. (١)
عن أبي عبد الله عليهالسلام في قوله تعالى : (أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وَفُرادى) قال : بالولاية. وذلك أنّه لمّا نصب النبيّ أمير المؤمنين عليهماالسلام للناس فقال : من كنت مولاه ، اغتابه رجل [و] قال : إنّ محمّدا ليدعو كلّ يوم إلى أمر جديد. وقد بدأ بأهل بيته يملّكهم رقابنا. فأنزل الله : (قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ). فقد أدّيت إليكم ما افترض ربّكم عليكم. فأمّا قوله : (مَثْنى) يعني طاعة رسول الله وأمير المؤمنين عليهماالسلام. وأمّا (فُرادى) فيعني طاعة الإمام من ذرّيّتهما من بعدهما. ولا والله ، ما عنى غير ذلك. وعن أبي جعفر عليهالسلام (إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ) قال : هي ولاية أمير المؤمنين عليهالسلام. (٢)
والذي أوجب تفرّقهم مثنى وفرادى أنّ الاجتماع ممّا يشوّش الخواطر ويعمي البصائر ويمنع من الرؤية ويخلط القول ، ومع ذلك يقلّ الإنصاف ويكثر الاعتساف ويثور عجاج التعصّب ولا يسمع إلّا نصرة المذهب. (٣)
[٤٧] (قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللهِ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٤٧))
عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله : (ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ). وذلك أنّ رسول الله سأل قومه أن يودّوا أقاربه ولا يؤذونهم. وقوله : (فَهُوَ لَكُمْ) يقول : ثوابه لكم. (٤)
(ما سَأَلْتُكُمْ). ما شرطيّة وهي في محلّ النصب بأنّها مفعول ثان لسألت. (مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ). يعني : لا أسألكم على تبليغ الرسالة شيئا من عرض الدنيا فتتّهموني. فما طلبته منكم من أجر على أداء الرسالة وبيان الشريعة ، فهو لكم. كما يقول الرجل لمن لا يقبل نصيحته : ما أعطيتني من أجر فخذه. وعن أبي جعفر عليهالسلام : معناه : أجر [ما] دعوتكم إليه من إجابتي و
__________________
(١) مجمع البيان ٨ / ٦١٩.
(٢) تأويل الآيات ٢ / ٤٧٧.
(٣) الكشّاف ٣ / ٥٩٠.
(٤) تفسير القمّيّ ٢ / ٢٠٤.